في الروضة الغنّاء، حين يكون الخريف...
لا ييأس الشغوف بالخضرة..., والعبق,... ونسمة نديّة من زهرة يتيمة بين أغصان صفراء,...
ولا يعدم أن تنساب إليها عروق نديّة بالرّواء,...
ولا تحرمه نسمة رطبة بعبق الشذى من عبورها بفضاء صدره، يستنشق معها عذب الهواء...,
فالرّوضات لا تلفظ الجمال..
ولا تفرغ من الهبات..
كذلك واقع الحياة في جعجعة الرّحى..
وأشلاء الأرغفة...
وجفاف الزّوادات..
وخلو الإفاض..
وزحمة المسارات..
وتناكب الكتوف..
وتداخل السيقان..
وخليط المعروضات..
والفقد الفقد...
والفقر الفقر..
وغفلة البصيرة..
وفتات الأشواك..
هناك من يمشي بهمّة، ومن يخبز بوعي، ومن يروي بفيض..، ومن ينتقي بحكمة، ومن يتجنّب الغثاء، ويجلي المسار، ويلتقط من الأشلاء نبضاً, ومن الخريف نسمة ضالة، وزهرة يتيمة، وظلاً مكيناً...
لهؤلاء وإن قلُّوا، ولهم وإن كلُّوا,.. ولهم وإن كانوا غرباء..
تحيات كما يد تصافح في معمعة، وتنشل في معركة، وتطعم في مسغبة، وتسقي في يباب..
تحيات لمن يقولُ فيُشْبِع..., ويجتهدُ فيصيبُ.., ويعملُ ولا يحتكرُ..
تحيات لمن يتبصّر في خريف الوقت، فيشحذ للربيع هممه,..
ويهمُّ في عراء، فينسج للشتاء لبوسه..
هذا خريف الإنسان..
وذلك ربيعه..
فأيهما أنت من هذين الموسمين..؟
***
تحية للدكتور حمدان الغامدي مُعِد, ومقدِّم برنامج اللغة، والأدب في قناة الثقافية، فهو ينتقي الموضوعات، والشخصيات انتقاءً ذكياً، استوقفتني حلقة السبت الماضي، إذ حلّق بأسئلته، فيما تجلّى تحليق الدكتور محمد إسماعيل الغامدي المشرف بوزارة التربية، والتعليم في عمق فضاءات العربية، والأدب العربي,.. الدكتور محمد أضفى على خريفها ربيعاً جميلاً، مكّن الذائقة من عبقها، ولامس ما فيها من العطش، ومدّ إليها مساراً للرّواء...
بمثل هذه الرؤية تنحاز للعربية بصائر نيّرة.., وأصوات تنقل بأبجديتها حروف واقعها، في جملها الناطقة بحالها، ومآل ذويها.., بمعلِّميها، ومتلقِّيها، ومفكِّريها، والمبدعين بها,..
تحياتي لهما، المستضيف، وضيفه.. .
مستفيضة بفيضهما..
***
والتحيات الطيبات لكلِّ من يزخ بقطرة رواء لغصن جاف..,
ولمن يرتق بمغزله نسيجاً تهالك..,
ولمن يخبز بثقابه رغيفاً لجوف جائع...,
ولمن يحمل بهمَّته عنواناً لمن ضلّ في متاه الغوغاء...
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855