ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Saturday 05/05/2012/2012 Issue 14464

 14464 السبت 14 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

جازان لسان عربي مبين؛ فهي تجيد الحديث شعراً ونثراً، وجبلاً وريفاً وبحراً، ولؤلؤاً وعنبراً وعطراً، وفُلاً وكادي وريحاناً وزهراً، وعلماً وفكراً، وهي صادقة البوح، صريحة القول، جريئة في طرح رأيها بأدب جم وتواضع كبير.

أقامت لنا (جازان) في رحلتنا إليها ما يقرب من عشر ولائم في ثلاثة أيام، وهي ولائم تكرم بها الضيف من غير مبالغة أو حيف، وما مائدة الإفطار الصباحي إلا لوحة بديعة من الوجبات المنزلية. ولجازان في أكلاتها الشعبية فنون فكيف بالغداء والعشاء؟ لقد كان الإفطار في اليوم الأول في منزل الأستاذ القدير محمد بن إسماعيل الحازمي، والغداء في مزرعة فضيلة الشيخ العباس بن أحمد الحازمي، أما العشاء فكان في مقر مكتب الدعوة الخيري في قرى الحسيني والنجوع، وفي اليوم الثاني أبى شيخ شمل الحسيني والنجوع الشيخ إبراهيم بن حسن الذروي إلا أن يلحقنا بغدائه المميز إلى وادي (لجب)، وهناك فتحت لنا طبيعة الوادي الخلابة ونسيم هوائه العليل بوابة الجمال الماتع على مصاريعها كلها، وكنا في صبيحة ذلك اليوم قد مررنا بمركز (الفطيحة) بوادي بيش، حيث استقبلنا رئيس المركز الأستاذ الشاب سمير الغامدي، ومدير الدفاع المدني في المحافظة العقيد سعد بن غرم الله الغامدي، والأستاذ حسن السحيمي مدير إدارة سد وادي بيش. وقد حظيت الجلسة الخفيفة في هذا المركز بتعليقات خفيفة ظريفة من الدكتور عبد العزيز الثنيان ود. عبد الرحمن العليق والمهندس خالد بن ناصر الشثري على وجود عدد من بني غامد في هذا المكان، وهي حلقة من حلقات الطرافة والظرف واللطف التي كان لهذه الرحلة الجازانية منها نصيب كبير، وكان قائد التعليقات الضاحكة - بلا منازع - الدكتور مسعود الغامدي، ولولا خشية الإطالة لرويت لكم موقف (مسعود ومسعودة)، ولعلي أفعل ذات يوم.

أما يوم الجمعة، آخر أيام الرحلة، فلقد انطلقنا فيه صباحاً نمخر عباب البحر بزورقين متجهين إلى جزيرة فرسان، حيث أفطرنا هناك في ضيافة العقيد محسن بن خلاف الحازمي وزملائه في حرس الحدود. أما الغداء فقد جهَّزه رجل الأعمال محمد العريفي، وهو ينفِّذ مشروعات معمارية حكومية في فرسان منذ ستة عشر عاماً.

ولفرسان حديث آخر؛ فقد زرنا قريتها الأثرية الجميلة، وساحة استقبال سمك (الحريد) في هجرته السنوية المعروفة، كما زرنا منزل أسرة (بلعوص)، أكبر تجار اللؤلؤ في فرسان، وتحدث إلينا أحد أبناء هذه الأسرة حديثاً رائعاً عن اللؤلؤ وتجارته، وكيف يتكون، وما الفرق بين اللؤلؤ الطبيعي والصناعي، وروى لنا قصة كتلة العنبر العجيبة التي بيعت قبل أشهر بما يقرب من مليون ريال، وقد ساقها الله إلى صاحبها في رؤيا رآها في المنام دلته على مكانها، فلما ذهب إليها وجدها بارزة أمام عينيه فباعها في المزاد بمئتين وسبعين ألف ريال، وكان وزنها ستة وعشرين كيلوجراماً. وكنا نود زيارة الشاعر الفرساني إبراهيم مفتاح ومتحفه الخاص بفرسان، لكن قرب موعد إقلاع الطائرة حال دون ذلك.

ماذا تريد جازان؟ بلسانها الفصيح قالت: أقدم أولاً الشكر للدولة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين - وفقه الله -، وأحمد الله الذي هيأ لي حركة مباركة في السنوات الأخيرة بعد سنوات من الخمود. وأطلب ثانياً مزيداً من العناية بأرضي الخصبة التي قَلَّ أن تجد ما يشبهها في التنوع بحراً وسهلاً وجبلاً وريفاً، وأودية جاهزة للعطاء إذا بذلنا عليها ما تستحق من خطط الاستثمار بصفة عامة، والاستثمار السياحي بصفة خاصة. وأدعو ثالثاً رجال الأعمال إلى أن يتجهوا إليّ؛ فسوف يجدون في أرضي من الربح ما يرضيهم، ومن الاعتراف بالجميل ما يسعدهم.

نعم، اعتدلت جازات في جلستها، وبدا الاهتمام على وجهها، وقالت: أطالب المسؤولين بأن يلتفتوا إلى مشكلة سكان المناطق الحدودية، الذين نُقلوا من قراهم ومزارعهم بعد الحرب الأخيرة مع عصابات الحوثيين؛ فهم يعانون (نمطية) الحياة التي يعيشونها الآن في الشقق التي وفرتها لهم الدولة، ونقلتهم إليها، ويريدون العودة إلى قراهم ومزارعهم، وهم قادرون على مواجهة الظروف التي تكونت بعد الحرب في مناطقهم الحدودية، ولكم أن تتخيلوا شيخ قبيلة كانت له مكانته، وعلاقاته، ومنزله الفسيح ومزرعته الكبيرة، أصبح الآن يسكن شقة صغيرة في جازان أو أبي عريش أو صبيا، وقد تفرق أفراد قبيلته في العمائر والشقق، وأصبح هو رهين الجدران المغلقة مهما كان جمالها؟؟ ولكم أن تتخيلوا حياة الناس الذين تعودوا على القرى المفتوحة، والمزارع والأودية، وقد أصبحوا محصورين في شقق ضيقة، مع أن قراهم التي نُقلوا منها أثناء الحرب أصبحت فارغة تنتظر عودتهم إليها.

لقد ألحَّت جازان من خلال من لقينا من أعيانها وعلمائها وأدبائها في عرض هذه المشكلة؛ ما أشعرنا بأنها تحتاج إلى معالجة سريعة، واهتمام خاص من المسؤولين - وفقهم الله -.

إشارة

نهنئ أمير جازان الأمير محمد بن ناصر بن عبد العزيز على ما لمسناه من تقدير أهل جازان له، وإشادتهم به.

 

دفق قلم
كيف تتحدث جازان؟
د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةجريدتيالأرشيفجوال الجزيرةالسوق المفتوحالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة