بدأ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله بنفسه وفي أكثر من مناسبة عندما أكد أنه خادم للشعب، وهو بهذا التواضع والنبل يضع معيار القدوة أمام كل المسؤولين صغيرهم وكبيرهم، وحين قال عباراته الشهيرة “من ذمتي في ذمتكم” في حشد من كبار رجالات الدولة فإنه لا يتخلى عن مسؤولياته، ولا يعبر عن عجز في إدارة الأمور وتنفيذ الأوامر كما يظن بعض الجهال وإنما يطرح عبارة بسيطة تحمل في مضامينها دلالات زرع الثقة وتفويض الصلاحيات ووضع جميع المسؤولين في الدولة أمام مسؤولياتهم وواجباتهم، وأن القيادة قد أعطت الميزانيات وأصدرت الأوامر ولم يعد لأحد حجة في تقصير أو تخاذل أو تجاهل لمشكلات طارئة أو أزلية.
كلما التقى خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله بالمسؤولين أمراء أو وزراء أو سفراء أو مديري جامعات يحرص أن لا يفوت اللقاء دون أن يهمس لهم بصوت مسموع بضرورة أن يضعوا خدمة المواطن في رأس قائمة أولوياتهم، وأن يسخروا كل ما ضخت الدولة من أموال وما وفرت من إمكانات لخدمة هذا الشعب الذي يستحق كل خير، وبتعابير تحرك القلوب قال عند لقائه مديري الجامعات بمناسبة تدشين المرحلة الأولى لمشاريع المدن الجامعية “كلكم أطلب منكم أن مكاتبكم لا تحطون عليها بواب ولا تسكرونها أمام الشعب لأنكم أنتم خدام لهذا الشعب ولهذا الوطن.. خدام قبل كل شي لديننا الذي لا نزيح عنه إن شاء الله..أتمنى منكم يا أخوان الجد والاجتهاد والمسئولية لأن هذه أمانة من عنقي لأعناقكم”.
وبهذه التوجيهات المباشرة والواضحة يرفض أن يوضع حجاب في طريق أي مواطن، وإذا كان هو بنفسه يستقبل المواطنين ويستمع لشكاواهم ويلبي مطالبهم فمن باب أولى أن يؤدي المرؤوسون أكثر من ذلك، وهو يعلم ربما يصل إليه أن مسؤولا ما قد وضع عشرات الموظفين وفي غرف متداخلة لا تمكن المراجع من الوصول للمسؤول بسهولة، وكثير تجرى محاولات للقاء مسؤول دون جدوى، ومسؤول آخر يرى في مقابلة المراجعين والاستماع لهم نوع من إضاعة الوقت، وآخر يعتبر مقابلة المطالبين بحقوقهم من مهام صغار الموظفين وإدارات العلاقات العامة والاستعلامات، ومسؤول أمام الله قبل الناس يترفع عن مقابلة المراجعين ويرى في تواجدهم نوعا من الإزعاج.
ولي الأمر يعتبر نفسه خادما لهذا الوطن وللشعب وكأنه يعطي درسا لمن أراد أن يقتدي، وأن أي مسؤول إنما وضع في منصبه لخدمة الناس ورعاية مصالحهم وحل مشاكلهم، يروي بعض خريجي الدبلومات الصحية أنهم أثناء مقابلتهم للملك عبدالله طلب فوراً من السكرتير الخاص الاتصال بالوزير المعني بأمرهم وحثه على سرعة توظيفهم والاستفسار عن أسباب التأخير وزاد على ذلك أن طلب من الخريجين إبلاغه فيما لو لم تنته معاناتهم.
أبو متعب دائم المبادرة لحل المشكلات الطارئة من منبع شعوره بهموم أبناء شعبه وطموحه اللا محدود لرؤية هذا الوطن في طليعة الأوطان لذلك وضع نفسه وبتواضع العمالقة الكبار خادما للدين والوطن والشعب، وندب كل المسؤولين لفهم هذا المعنى العظيم وتطبيق مضامينه العميقة سلوكا عمليا يتجاوز مرحلة التنظير ليفتح الجميع أبوابهم أمام الناس ويبذلوا الجهد لخدمتهم. تصوروا لو طبق كل مسؤول هذه التوجيهات هل ستبقى مشكلة واحدة دون حل؟
shlash2010@hotmail.comتويتر abdulrahman_15