انتهت عملية إطلاق الصاروخ الكوري الشمالي بالفشل، وفي حين تقول كوريا الشمالية إن هدف رحلة الصاروخ كان وضع قمر صناعي للاتصالات ومراقبة الطقس في مدار حول الأرض فإن أغلب دول العالم ترى أنها كانت اختبارا لصاروخ كوري شمالي جديد بعيد المدى.
بعد دقائق من انطلاقه، انفجر الصاروخ وسقط في مياه البحر الأصفر غرب كوريا الجنوبية. من حسن الحظ أن بقايا الصاروخ المنفجر لم تسبب أي خسائر ولا أضرار في كوريا الجنوبية ولا اليابان ولا أي دولة أخرى بالمنطقة. ورغم ذلك فإن إقدام كوريا الشمالية على إطلاق الصاروخ رغم التحذيرات والانتقادات الدولية الكثيرة يمثل تصرفا مستفزا وخطيرا للغاية.
كان العديد من الدول بما في ذلك الصين وروسيا حليفتا بيونج يانج قد حثتاها على إلغاء عملية إطلاق الصاروخ المعلن عنها منذ أسابيع والتي تمثل انتهاكا صريحا لقرار مجلس الأمن الدولي.
ووفقا لتقديرات حكومة كوريا الجنوبية فإن كوريا الشمالية التي تعاني الفقر وتعتمد على المساعدات الغذائية التي تحصل عليها من كوريا الجنوبية أنفقت أكثر من 800 مليون دولار لبناء الصاروخ ومنصة الإطلاق. وهذا المبلغ يكفي لشراء 1.4 مليون طن أرز. ولذلك يمكننا وصف قرار إطلاق الصاروخ بأنه حماقة. فقد أعطى الرئيس الكوري الشمالي الجديد كيم يونج أون أولوية كبرى لتدعيم أسس حكمه الجديد على حساب إطعام شعبه الجائع.
وقد تم تعيين كيم يونج أون كسكرتير عام لحزب العمال الحاكم حيث تولى هذا المنصب الرفيع رسميا يوم 13 أبريل الحالي وقبل يومين فقط من الاحتفال بالذكرى المئوية لميلاد جده كيم إيل سونج مؤسس كوريا الشمالية وأول رئيس لها. وقد دعت كوريا الشمالية وسائل الإعلام الأجنبية لحضور الاحتفال بإطلاق الصاروخ حيث كانت تعتبره طلقة البداية لأسبوع الاحتفالات القومية بتولي كيم يونج أون السلطة في البلاد خلفا لوالده كيم يونج إيل. وجاء فشل عملية إطلاق الصاروخ باعتباره أول اختبار كبير لقدرة الرئيس الكوري الشمالي الشاب عديم الخبرة على التعامل مع الأزمات.
والسؤال الآن، كيف سنرد على الخطوة الاستفزازية لكوريا الشمالية؟
في اجتماع لوزراء خارجية مجموعة الدول الثماني الكبرى بواشنطن قبل أيام صدر بيان طارئ يدين كوريا الشمالية. وكان هذا البيان ردا طبيعيا على عملية إطلاق الصاروخ. كما عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا لمناقشة الموقف. واليابان الآن ليست عضوا في المجلس ولكن الولايات المتحدة تتولى رئاسته الدورية.
يجب أن تشكل اليابان والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية جبهة موحدة والعمل على ضم روسيا والصين إلى جهودها الرامية إلى توجيه رسالة قوية وواضحة إلى رئيس كوريا الشمالية الذي يبلغ من العمر 28 عاما فقط.
الحقيقة أن الصين هي أقوى حليف لكوريا الشمالية. وقد سارعت بإعلان دعمها للرئيس الجديد هناك ولكن على الصين الآن أن تمارس دورها بمسئولية. ونحن نأمل أن تستخدم الصين نفوذها من أجل إقناع بيونج يانج بوقف تصرفاتها المتغطرسة والحمقاء. بعد إطلاق كوريا الشمالية صاروخها الفاشل قررت الولايات المتحدة وقف إرسال 240 ألف طن من المساعدات الغذائية إليها والتي كان قد تم الاتفاق على إرسالها عندما تعهدت بيونج يانج بتجميد برنامج تطوير الأسلحة لديها. يمكن لكوريا الشمالية أن ترد على قرار واشنطن بالمزيد من الخطوات الاستفزازية.
يعتقد الكثير من المراقبين أن كوريا الشمالية ستنفذ تجربة نووية ثالثة تحت الأرض للتغطية على فشلها في إطلاق الصاروخ الجديد ولتعزيز وحدة نظام الحكم الجديد.
سيحتاج الأمر إلى بعض الوقت لإعداد المسرح لمفاوضات جديدة مجدية مع كوريا الشمالية التي تتبنى منهجا دبلوماسيا خطيرا يقوم على أساس دفع الأمور في اتجاه حافة الهاوية بما يثير استعداء الكثير من دول العالم.
الحقيقة المؤسفة التي نتعامل معها هي أنه لا يوجد أمام المجتمع الدولي أي خيار إلا مواصلة الجهود الشاقة للوصول إلى تغييرات إيجابية في دولة مازالت تواصل التصرف بطريقة مستفزة.
وهناك أيضا بعض التحديات الدبلوماسية تتعلق بصعوبة التنبؤ بتصرفات نظام الحكم في بيونج يانج وضرورة التعامل معها بسرعة مثل قراره استئناف برنامج تخصيب اليورانيوم وضرورة الضغط عليه من أجل وقفه.
كوريا الشمالية أعلنت فشل الصاروخ الجديد في وضع القمر في مداره حول الأرض. والحقيقة أن إعلان الدولة بسرعة عن فشل التجربة الصاروخية هو أمر غير معتاد من جانبها. ومع ذلك من الصعب رؤية أي تغيير كبير في سياسة الرئيس الصغير كيم يونج أون الذي يسير على خطى والده كيم يونج إيل وجده كيم إيل سونج ويعتبر تعليماتهما بمثابة مبادئ للحكم.
ولكن هل يمكن اعتبار الاعتراف السريع بفشل التجربة الصاروخية مؤشرا على التغيير؟ علينا أن نبقي أعيننا مفتوحة على هذه الدولة فربما عثرنا على الإجابة.
افتتاحية (أساهي شيمبون) اليابانية