فاصلة:
(إنها لغلطة كبيرة أن يثق المرء بالجميع، وألا يثق بهم)
- حكمة لاتينية-
طرقت باب جارتي السعودية ومعي بعض العسل الطبيعي لرضيعها إلا أنني لم أجدها فاضطررت إلى طرق باب البيت الملاصق لها؛ ليفتح لي الباب جارها فأخبرته بأنني صديقة جارتهم، وأنني أتيت لأعطيها هذه العلبة. سألني ما بها؟ قلت له عسل. قال هو طعام؛ أنا أعتذر، لا أستطيع أن أبقيه عندي لأنه طعام. لم أناقشه أو ألحّ عليه؛ فقد تعلمت من البريطانيين أن الإلحاح مضيعة للوقت، رغم أنه لم يقدم تبريراً أو سبباً.
الجار لم يرد تحمل مسؤولية إبقاء طعام لديه من امرأة لا يعرفها.
صفة الحذر المنطقي موجودة لدى الناس هنا، وأفكر كيف أننا رغم توجسنا من الغرباء إلا أن العاطفة التي تغلبنا وتجعلنا في موقف كهذا نتعاطف مع الأم أو الرضيع ونقبل أن يبقى لدينا الطعام وسواه، ونعتبر أن لدينا أمانة لا بد أن نوصلها إلى أصحابها.
الموقف واحد، لكن سلوكنا تجاهه مختلف عن الغرب، حسب مفهوم التعامل مع الغرباء.
ربما نتفق في الحذر من الغرباء، لكننا نختلف في التعبير عن هذا الحذر حين نسمح للعاطفة بالتدخل، إضافة إلى أننا لا نحسن فن مهارة قول لا، وهي مهارة ممتازة لم تعلمنا ثقافتنا أن نمتلكها وإن حاولنا أن نقول لا يستيقظ ألف سؤال وسؤال، وكلها لماذا؟
أظن أن مشكلتنا الكبرى في اهتمامنا بما يقول عنّا الآخر، بمعنى أننا يصعب علينا أن نتخذ قراراً دون أن نفكر في أثره على الآخر بل وأثر ذلك في تقييم الآخر لنا.
إذا تخلّصنا مرة واحدة فقط من اهتمامنا بما يقول عنا الآخر لربما استطعنا أن نعيش بسلام مع أنفسنا والآخرين.
nahedsb@hotmail.com