نداءات مدويّة، لقوميات مختلفة (يا مسلمين، يا عرب، يا ناس) أطلقها أحد السوريين، وهو يجتر المآسي، ويسرد ألوان النكبات، وأبشع الجرائم التي ترتكب في حق أبناء شعبه، العزل إلا من قوة الإرادة، اليائس إلا من رحمة الله، المتشائم إلا من نصر الله (ومن يتوكل على الله فهو حسبه).
- استنجاد بالدين، باللغة، بالجنس، بالتاريخ المشترك، بأي رابطة من روابط القربى بين البشر، الأهم أن يلتمس أسباب الحياة، وسبل النجاة. بصراخه وعويله يضع القوميات، والانتماءات، يضع الأيدلوجيات والشعارات أمام تحد كبير، وأمام واقع بائس أليم، والانتماء الحقيقي لأيّ من تلك هو الذي سيحسم النزاع، ويفصل المعركة.
- أيّ شعار يرفع، وأيّ وتر يعزف عليه، وأيّ جلباب يرتدى؟ مثل هذه المواقف هي التي تجلو الصحيح من الزائف، والرغو من الصريح، والصدق من الكذب. مثل هذه المواقف هي التي تكشف صدق علاقة الإنسان بخالقه، لجوؤه إليه، توكله عليه، ثقته بوعده ونصره. من يصدع بالحق، ومن يجرؤ في القول؟
- الأوضاع المضطربة في (سوريا) امتحان حقيقي لرجال الدين، لقادة الفكر، لدهاقنة السياسة، فمن يكسب هذه الجولة، ويلبي النداء؟ سيُخلد الرجال بمواقفهم الفاعلة، لا بأقوالهم، أو بسلوكياتهم المتناقضة.
- مع مثل هذه الأزمات تنشأ مفاهيم جديدة للقوميات، وربما تخلخلت بعض القيم والمعتقدات، وقد تحدث تحولات حتى على مستوى الأيدلوجيات، والأحداث عادة ما تكون مفصلا في تاريخ الفكر، حيث يخرج الإنسان أمامها من دائرة الفردية، ويتحمل عواقب ذلك النهج الذي ارتضاه لنفسه وسلكه، حين تحتضنه قوميات وأجناس أخرى، والأخطر من ذلك - وقد بدت البوادر - كله حين تتشكل داخل نسيج المجتمع الواحد أطياف أخرى، يظل لها توجهاتها الأيدلوجية، وتصبح شوكة في خاصرة الجسد الواحد، وليس من السهل على المدى الطويل صهرهم تحت مظلة وطنية واحدة.
- بقراءة متأنية في تاريخ بعض الشعوب ستجد شيئا من هذا التنوع، أو التعددية في الفكر والثقافة والمذهب، بل وفي العادات والتقاليد، وقد أمسى هذا التنوع في كثير من المجتمعات، أو البلدان إحدى العقبات، أو التحديات المعقدة التي تواجه الحكومات في خطط التنمية المستدامة لبلدانهم، وبخاصة في دول العالم الثالث، ولم تتجاوز بعض الدول المتقدمة هذه المشكلات إلا بعد تطوير أنظمتها ودساتيرها السياسية، والاجتماعية، والثقافية، وقدمت في هذا الشأن تضحيات جسيمة.
- لا ندري بالفعل أيّ هذه القوميات سيكتب لها النصر والتمكين؟ الإسلامية، أو القومية؟ أو الإنسانية؟ وانصهار هذه القوميات، أو الفلسفات وبلورة أهدافها في هدف واحد لم يتحقق في الماضي، ولن يتحقق فيما يبدو في المستقبل القريب، بل ربما كان هذا مخالفة للسنن الإلهية، في الكون، والحياة ؟
(خيالات)
لأحمد محرم:
لمصر؟ أم لربوع الشام تنتسبُ؟
هنا العلا، وهناك المجدُ والحسبُ
لولا رجالٌ تغالوا في سياستهم
منا ومنهم لما لمنا، ولاعتبوا
dr_alawees@hotmail.com