من الأمور المسلم بها أن تعليم المرأة وخروجها للتفاعل مع متطلبات العمل ومقتضياته هو مصدر ومردود للنمو والتحضر الذي قضت فيه السعودية شوطاً كبيراً ونتج عن ذلك حراك اجتماعي واكبه تغير في التعامل مع تكنولوجيا العصر، وفي عوامل التنمية الاقتصادية.
وفي المنظور الاجتماعي البنائي أن التغير التكنولوجي والتنمية الاقتصادية يصاحبه في العادة تشابك في العلاقات الاجتماعية وتعقيدات في نمط الحياة.
وفي المنظور الاقتصادي أن تغيير الواقع والانتقال به إلى وضع آخر يؤدي إلى تغيير مماثل في الكيان الاقتصادي والاجتماعي القائم مما يؤدي إلى متطلبات أكثر ومستويات طموح أوسع وأرقى.
وما من شك أن تعليم المرأة وخروجها للعمل ازدادت معه طاقتها المعرفية والمهارية والقيمية التي تحكم السلوك الملتزم بالقيم الثقافية والأخلاقية ولكن صاحب هذا تغيرات في المركز والأدوار خاصة دورها الوظيفي ودورها الأسري مما يتطلب منها اكتساب المزيد من المهارات وبعث الهمة ودعم الفاعلية وترشيد الاستجابة لزيادة القدرة على الأداء لمقابلة الحاجات المتعددة والمتشابكة التي تدعو للعمل الإيجابي والفعال للحد من سطوتها أو شدتها.
من هذا المنطلق اهتمت الدولة بدعم مجالات خدمة المرأة العاملة ومن هذه المجالات الترخيص لمكاتب استقدام العمالة ووضعت لها شروط أن تقوم باستقدامهم خاصة فئتي السائقين والشغالات حيث أصبح لهاتين الفئتين ضرورة ملحة تحتمها ظروف الحياة المعاصرة التي حتمت خروج المرأة للعمل مشاركة بإيجابية وفاعلية ولكن قد يكون لديها أفراد الأسرة ويحتاجون لعناية فائقة وقد يكون لديها أحد أو أكثر من كبار السن يحتاجون للرعاية والعون، وكذلك إذا كان لدى الأسرة أحد معاق، فضلاً عما يحتاجه البيت من تنظيم وترتيب وتنظيف، والبديل الطبيعي لأداء هذا الدور هو الشغاله والتي بات وجودها في البيت السعودي ضرورياً وهاماً.
ويتم الاستقدام بمعرفة مكاتب أهلية والبعض منها يجتمع في شركة أيضاً أهلية أو خاصة وهذه المكاتب لها سلبيات نذكرها منها عدم الالتزام بالمواصفات والشروط التي يطلبها الراغب في الاستقدام مثل أن تكون المستقدمة مسلمة الديانة - ناطقة باللغة العربية - في سن النضج - لديها وعي وإدراك بالدور الذي ستقوم به.. الخ.
المبالغة في تحديد الأجر بما يفوق كثيراً أجور مثيلاتها في دول الخليج جميعها وعلتهم في ذلك أن المكتب المقابل في البلد القادمة منه الخادمة هو الذي يحدد الأجر والسؤال لِمَ تغالي هذه المكاتب في أجر القادمات إلينا دون غيرنا، ولِمَ لا نبحث عن مكاتب أخرى في هذا البلد تكون أكثر تجاوباً ومعقولية وعدلاً. والاقتصار على استقدام الفلبينية والهندية والتايوانية ثم الأندونيسية، فئات لا نفهمها ولا تفهمنا.. يعبدون ما لا نعبد, ويطهون ويأكلون ما لا يطيب لنا حتى ولا رائحته، حتى حمل الطفل فتحمله بطريقة غير صحيحة ولا نتعودها. والسؤال الملح لما لا نستقدم هذا النوع من العمالة من بلد عربي قريب من ثقافتنا ويعرف لغتنا ويتآلف مع عاداتنا وتقاليدنا ويدين بديننا، خاصة أننا نعرف بعض الدول العربية لديها كليات جامعية ومعاهد عليا تخرج معلمات ومشرفات وحاضنات أطفال وجليسات ومعلمات لذوي الظروف الخاصة (المعاقين) وكبار السن والمرضى.
ويقينا أن الإنسانة المؤهلة أكاديمياً وتطبيقياً أكثر قدرة على أداء الفرق بنجاح.. وتستطيع التميز بين الحق والواجب.
ونأمل من مكاتب الاستقدام إعادة النظر في منهجية الاستقدام وأسلوب العمل مع المكاتب المقابلة حتى تستريح وتريح من غلاء الأسعار في استقدام العاملة المنزلية كغيرنا من الدول الخليجية المجاورة.