إذاعة القرآن الكريم كانت -وما زالت- بركة علينا وعلى مجتمعنا، تجد فيها الأنس والطمأنينة والسكينة، عشنا مع برامجها أياماً عامرة بذكر الله، وأوقاتاً مليئة بالعمل الصالح، ونسأل الله أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، وقد عرفني المستمع والمشاهد الكريم من خلال البرامج المختلفة في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمطبوعة.. إلا أنني لم أُعْرَف إلا من خلال هذه الإذاعة المباركة (إذاعة القرآن الكريم). ومما كان يسلينا في هذه الإذاعة المباركة تلك الطمأنينة، وذلك الرضى والاحتساب الذي كنت أستحضره دائماً. ولما كان من شكر النعمة والمعروف نسبته إلى أهله فلعلي كنت أود أن يعرف القائ والمستمع أن وراء هذا النجاح، وهذا العمل، وهذه الذكرى الطيبة امرأة مخلصة كرست وقتها وجهدها لكي أبلغ هذا النجاح، وقد عملت معي على مدى (28) عاماً من أجله، كانت بحق نعم الزوجة الصالحة المتعاونة، الوفية لزوجها، الحريصة على كل خير له.
ولأولادها، هيأت لي كل سبل الراحة، وأزالت من طريقي جميع العوائق التي تعوق عملي الإعلامي إنها (أم خالد) زوجتي، ورفيقة دربي، وأم أولادي، شاركتني صعوبة الحياة وهمومها، محتسبة الأجر والثواب في معاونتي، وتنظيم وقتي، وتذكيري بمواعيد البرامج، والقيام على شئون بيتي وأولادي، إن الذي دفعني لكتابة هذه الخواطر هي أنني كنت في نزهة عائلية مع الأولاد، وحينما مررنا بالشارع المؤدي إلى مبنى التليفزيون -مكان مكتظ بالسيارات- ذكرت لأويادي أنني كنت قبل (25) عاماً أمر في هذا الطريق وكان انسيابياً لا زحام فيه، وحينما رأيت تشوق الأولاد لاستماع المزيد عن بداية عملي الإذاعي.
تنبهت إلى أن كل هذا النجاح وراءه بعد توفيق الله تعالى زوجتي أم خالد، فقد كانت خير عون لي في البرنامج الشهير (نور على الدرب) حين كانت الرسائل ترد إليَّ مكتوبة بالمئات، فكنت أحضرها معي إلى البيت لترتيبها وفرزها، واختيار المناسب منها، وكانت أم خالد تساعد في عملية الفرز والترتيب -جزاها الله خيراً-.. بل أذكر أنني حين كنت أحب تنفيذ الفترة الأولى الصباحية لكونها أهم فترات الجدول الإذاعي، وكانت أم خالد تسهر الليل كله، وأنا نائم مستغرق في نوم عميق، وهي ساهرة خوفاً من أن يغلبها النوم فيفوتني افتتاح الإذاعة وتظل كذلك حتى توقظني لعملي محتسبة راضية -جزاها الله كل خير-، هذا إضافة إلى قيامها على أمور البيت والأولاد.
وصدق من قال: وراء كل رجل ناجح امرأة وإن أم خالد -حفظها الله- من هؤلاء النساء دون شك. ولئن ذكرت شيئاً من مواقفها العظيمة معي، فإن لي أسوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال عن خديجة رضي الله عنها بعد موتها: «صدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بنفسها وما لها، ورزقني الله منها الولد، ولم يرزقني من غيرها».
فجزاك الله خير الجزاء يا أم خالد، ووفقك إلى كل خير.