لا يخفى على أحد خطر الغش التجاري على الفرد والمجتمع والوطن خاصة إذا وقع على ما يحتاجه الإنسان من غذاء ودواء، وصارت أضرار الغش التجاري تنعكس مباشرة على صحة المواطن، وأصبح الغش التجاري لا يقتصر خطره على الفرد وحده، بل امتد ليشمل المجتمع والاقتصاد الوطني، وتسبب في خسائر كبيرة تتمثل في تكليف الميزانية التي تتحمّلها الدولة من أجل توفير آليات مكافحة الغش التجاري، ناهيك عن مخاطر الأمراض الخبيثة التي تنجم عن هذا الغش،
ويسقط ضحيتها بعض أفراد المجتمع لعدم قدرتهم على التأكد من سلامة البضائع المغشوشة والمعروضة أمامهم بأرخص الأثمان وأصبح المواطن في حيرة من أمره.
ووفقاً لتقديرات بعض التقارير فإن الاقتصاد السعودي يخسر عشرات المليارات سنويا من جراء إغراق الأسواق المحلية بالسلع والبضائع المغشوشة، حيث إن هذه الخسائر تتولد عن الممارسات غير الشرعية يتداولها المتعاملون بالسلع المقلدة في الأسواق المحلية، سواء كانوا منتجين أو مستوردين أو موزعين للبضائع المغشوشة، وكشفت تقارير للدفاع المدني عن حوادث الحرائق خلال العام الماضي 1432هـ عن 40200 حادثة، بلغت نسبة الحرائق المنزلية 65% بسبب رداءة التوصيلات والأجهزة الكهربائية المقلدة نتج عنها 1460 إصابة و185 وفاة.
وأصبح الغش التجاري في كل شيء ولم يعد في سلعة أو بضاعة معينة، فصار في الأغذية الفاسدة والمنتهية الصلاحية، وألعاب الأطفال التي تصنع من مواد مضرة بالصحة وتمنع في الدول المتقدمة لأنها تسبب السرطان، والأخطر من ذلك الغش في زيوت المحركات، وإطارات السيارات المستعملة وتوصيلات وشحنات الأجهزة الكهربائية، وقطع غيار السيارات المستعملة التي تباع على أنها جديدة ويقوم أصحاب النفوس الضعيفة باستغلالها وبيعها للكسب السريع.
وللقضاء على عمليات الغش التجاري وحماية المواطن من طمع واستغلال أصحاب النفوس الضعيفة يفترض من المعنيين بالغش التجاري تكثيف الجولات وشن الحملات التفتيشية على جميع المحلات التي تتعامل بالغش التجاري، والتشديد عليهم بأهمية الالتزام بمعاير الجودة، بحملات توعوية إعلاميا, وإقامة ندوات متخصصة بالغش التجاري، وتطوير البنى التشريعية والتنظيمية والهيئات والأجهزة المشرفة على الغش التجاري ودعمها بأحدث التكنولوجيا الحديثة والمتطورة لتساعدهم على تأدية دورهم بفاعلية وكفاءة عالية.
وعلى جمعية حماية المستهلك، وهيئة المواصفات والمقاييس توعية المستهلكين من خلال وسائل الإعلام والاتصال الملائمة مثل تقديم الكتيبات (بروشمور (عن الغش التجاري وتزويد المواطنين بالحلول التي تحافظ على مصالحهم وحقوقهم، والعمل على إيقاف المتعاملين في الغش التجاري وتوعيتهم والإيضاح لهم أن هذه السلع والبضائع المغشوشة والمقلدة غير جيدة ويجب أن تسحب من الأسواق وتحرق كما يحصل في الدول المتقدمة
كما يجب أن يراعى تطبيق الأنظمة والتشريعات على جميع البضائع والسلع المستوردة بحيث تكون مطابقة للمواصفات والمقاييس العالمية قبل دخولها إلى المملكة، وكذلك تطبيق نفس التشريعات على المنتجات المحلية المتعلقة بأداء الأنشطة الصناعية والغذائية التي من شأنها أن تضفي المزيد من الثقة للمنتجات الوطنية، وأن تحمي مصالح المنتجين والمتعاملين في الأسواق وتجعلها أكثر جاذبية للمستهلك المحلي، وتحمي الاقتصاد الوطني من الغش التجاري.
Ahmed9674@hotmail.comمستشار مالي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية