|
الجزيرة - يحيى القبعة
استبعد اقتصاديون حدوث ارتفاع في أسعار السلع الغذائية بالسوق السعودية خلال العام الجاري بذات الوتيرة المتوقعة في الأسواق العالمية مؤكدين بأن الارتفاعات ستطال منتجات محدودة لارتباطها المباشر بالأسعار العالمية وتكلفة الطاقة وكذلك المحاصيل المرتبطة بالتقلبات الموسمية العالمية وزيادة الطلب الكبيرة على الغذاء. وتوقع البنك الدولي ارتفاع أسعار الغذاء العالمية مجددا مع ارتفاع تكلفة النفط والطلب القوي من آسيا والطقس السيء في أنحاء من أوروبا وأمريكا الجنوبية والولايات المتحدة. وأظهر أحدث مؤشر للبنك توقع ارتفاع تكلفة الغذاء 8% خلال الفترة بين ديسمبر ومارس، وقال البنك: بعد أربعة أشهر من الانخفاضات المتتالية سترتفع أسعار الغذاء مجددا مهددة الأمن الغذائي لملايين البشر.
وقال عميد كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة القصيم الدكتور إبراهيم العمر إن الارتفاع في أسعار الغذاء العالمي ظاهرة صحية في المدى البعيد لدورها في تحسين توزيع الدخول والثروات في العالم وهي مماثلة لما جرى في أسعار الطاقة العالمية، مستدركا أنها ستكون مؤذية في البداية للذين تمثل تكلفة الغذاء من دخولهم نسباً مرتفعة «أكثر من 50%» لكنها على المدى البعيد ستؤدي إلى زيادة في الأجور وتحسن مستوى المعيشة. وأضاف العمر: ارتفاع الأسعارعالميا سيحد من ظهور أزمة عالمية حقيقية في الغذاء، حيث تؤدي آلية السعر المرتفع دوراً مزدوجاً في تقليل الطلب ورفع كفاءته كما يؤدي ذلك في المدى المتوسط لتحفيز المزارعين على زيادة المنتج الزراعي وتقليل المساحات المزروعة لأغراض الطاقة الحيوية.
واستبعد العمر ظهور أزمة غذاء مستوردة في السوق السعودي، متوقعا ارتفاع بعض المنتجات الغذائية لارتباط بالأسعار العالمية بعوامل كثيرة
منها ارتفاع كلفة الطاقة عالمياً وتأثر المحاصيل بالتقلبات الموسمية العالمية وزيادة الطلب الكبيرة على الغذاء إضافة إلى العوامل السياسية التي تدفع لتخصيص مساحات شاسعة لزراعة منتجات الوقود الحيوي.
وعن المخاطر التي تواجه السوق السعودي حال وجود أزمة عالمية في الغذاء، أفاد العمر أن نظام الإعانات على الغذاء يستفيد منه التجار والموزعون أكثر من استفادة المستهلك النهائي منه، والذي بدوره أيضا يعمل على الإفراط في الاستهلاك وتحويل بعض أنواع الغذاء لتغذية الماشية أو تهريبها لخارج المملكة، وكذلك القوى الاحتكارية المتحكمة في سوق الغذاء المحلي في ظل ضعف الرقابة على الأسواق والتي تعمل على الاستفادة من جنوح الأسعار الطبيعي للارتفاع إلى استغلال أي ظاهرة عالمية لارتفاع الأسعار ولو بنسبة قليلة لرفع الأسعار بنسب أكبر محلياً، مشيرا إلى خطورة أثرها على المواطن والمقيم أكثر من الزيادة العالمية. ولمح إلى أن الاقتصاد السعودي خلال السنوات الأربع الماضية شهد ارتفاع أسعار بعض السلع الغذائية بنسب أعلى منها عالميا في الوقت الذي لم تنخفض بمثل انخفاضها عالمياً.
وأعطى العمر الدور الحقيقي للحكومة في محاربة الأزمة من خلال التخطيط الاستراتيجي طويل الأجل لتحقيق أمن غذائي شامل وتأمين بيئة مناسبة لصناعة الغذاء بدءاً من الحقول تتنامى بما يتناسب مع النمو السكاني سواءً في الداخل أو الخارج وبما يكفل تحقيق أمن غذائي محلي. مستطردا أن ذلك يتضمن إنشاء شركات أغذية وطنية كبيرة ذات امتداد دولي وعقد شراكات استراتيجية دولية مع دول صديقة لتأمين إنتاج غذائي مستدام لا يخضع للتقلبات الدولية في سوق الغذاء العالمي.
من جانبه شدد المستشار الاقتصادي فادي العجاجي أن كمية الغذاء الموجودة تكفي سكان الأرض بمعدلات نموه الحالية، وأضاف أن التقدم التقني وارتفاع مستوى الكفاءة الإنتاجية يقللان من احتمال حدوث مجاعة أو نقص حاد في المواد الغذائية على المستوى الكلي لسكان الأرض. وقال: منذ عشرات السنين ونحن نسمع من فترة لأخرى بعض الدعوات المقلقة بشأن الأمن الغذائي العالمي، وظهرت بعض المجاعات في أماكن متفرقة لأسباب مختلفة أهمها شح الأمطار وضعف إدارة الأزمات في المناطق التي تعرضت لمجاعات».
واستبعد العجاجي أن يكون هناك خطر حقيقي على الأمن الغذائي للمملكة، مضيفا أنها من الدول الغنية بمواردها واحتياطياته التي تمكنها من تجاوز أي أزمة غذائية، كما أن بنيتها التحتية قادرة على استيعاب واستقطاب أي كمية من المواد الغذائية لتلبية احتياجات السوق المحلية، وكذلك لتقديم المساعدات الغذائية والدوائية وغيرها للمناطق المنكوبة التي تعاين من المجاعات في مختلف دول العالم.
وقال العجاجي إن المملكة تحتاج إلى إحكام الرقابة على الأسعار لا سيما المواد الغذائية التي ترتفع في الأزمات ولا تعاود الانخفاض بعد زوال أسباب الارتفاع. مشيرا إلى أن ذلك حدث في عدة فترات لمعظم السلع المستوردة، خصوصاً وأن المملكة هي من أكبر عشر دول مستوردة ومصدرة للمواد
الغذائية وذلك بسبب قسوة الطقس وشح المياه وضعف الإنتاج الزراعي والحيواني.
وأضاف العجاجي: الانفتاح الاقتصادي للمملكة يقلل من الآثار السلبية لذلك، لكن هناك حاجة ماسة لكسر دائرة الاحتكار من خلال التطبيق الصارم للأنظمة وتصحيح بعض الإجراءات والممارسات التي تحد من المنافسة العادلة في السوق المحلية.