الأزمة التي أثارتها فعلة الجيزاوي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة ما لم تعالج الأسباب التي تجعل قضية مهرب مخدرات تهدد العلاقات بين أهم بلدين عربيين..!
نعم ما بيننا وبين مصر روابط ووشائج شتّى، إلا أن العلاقات بين الدول يجب أن تكون واضحة المعالم ومؤسسة على ضوابط لا يمكن لأي طرف أن يتجاوزها، ولا يفترض أن يتم تجاوز الضوابط وخرق الأنظمة بأسلوب «المجاملة» و»الصمت» و»السكوت» عن الأفعال التي تضر بمصالح البلدين ومواطنيها، وحصر الأزمة بأن هنالك مأجورين يسعون لزعزعة العلاقة بين البلدين، وأن غوغائية بعض الإعلاميين قد أججت فئة في الشارع المصري المستفز والجاهز للتظاهر قولٌ قاصرٌ لا يلم بكل جوانب المشهد ولا يعالج المسألة المثارة التي إن عولجت فإنها سيتبعها مسائل أخرى، لأن المعالجة لا تتم وفق الأصول المرعية والأنظمة التي تسيّر وتضبط العلاقات بين الدول.
لعل من أهم أسباب تفاقم هذه الأزمة هو الصمت الطويل، والسكوت عن التجاوزات التي صدرت من أطراف عدة في هذا البلد أو ذاك.
الوقفات الاحتجاجية أمام السفارة السعودية في القاهرة لم تكن الأولى، فقد حدثت 54 وقفة احتجاجية، ورغم أن السفير قدّم شكاوى للنائب العام، ونبّه السلطات المسؤولة إلى خطورة الأمر، إلا أن الوضـع تفاقم لدرجــة وصلت إلى تهديد حيــاة العاملين في السفارة من السعــــوديين والمصـــريين الموظفين الذين يعملون في السفارة والقنصليتين.
إضافة إلى محاصرة السفارة والقنصليتين، فقد تعرض كثير من المواطنين السعوديين إلى التهديد وحتى القتل، حيث قتل مواطن سعودي قبل أسابيع في شارع فيصل بالجيزة، وقبل شهرين تعرض طالب سعودي إلى اعتداء قوي لا يزال يعالج من آثاره في جامعة المنصورة، ومع هذا سجل الاعتداء ضد مجهول..!
المتظاهرون ومن خرجوا على الفضائيات المصرية يقولون إنهم يدافعون عن كرامة المواطن المصري.. وهو دفاع محمود، ونحن نشاركهم، فلا أحد يرغب في الإساءة لأي إنسان وبالذات المصريين الذين يعملون بشرف بين ظهرانينا، ولكن كيف يتم الدفاع عن كرامة إنسان يسحق كرامته بأفعاله وبتصرفاته؟ وهل يمكن الدفاع عن كرامة من يسعى إلى تدمير قيم وأخلاق المجتمع ويهدد أبناءه وصحتهم بجلب المخدرات وتهريبها..!
هل يستحق هذا الشخص أياً كانت جنسيته أن تختلق بسببه أزمة بين دولتين..؟!
jaser@al-jazirah.com.sa