مصر الحبيبة عرفناهـا كأجيال معاصـرة وعرفها الآبــاء والأجـداد، مصر الإباء والشمم بناسها الأفــذاذ وعقولهم النيــرة ونفوسهم الكبيرة وتاريخهم العريق، هم أهل حكمة وعلم، وقلوبهم حدائق أنس وفكاهة وظرف، تربطنا بهم روابط وشيجة، تعاملنا معهم رفقة وصداقة وعملاً وعلى كل المستويات فلم نجد عند الأكثرية إلا جميل الصحبة وكرم المشاعر، ومن ندّ عن القاعدة وهم القلة فلعل غفلة انتابتهم واستغلها مغرضون لمآرب لا تخفى عن ذي لب ينظر بعين الأخوة والمصير الواحد ويدرك ما تمارسه الأيدي الخفية لشق الصف العربي والإسلامي لإضعاف الأمة أمام تحديات تحاصرها من كل جانب، هؤلاء القلة الذين تجمهروا أمام مقار البعثات السعودية في مصر لا يمثلون في الواقع كل أبناء ارض الكنانة بما عرف عنهم على مر القرون والعصور من همم عالية وآفاق علم واسعة تمدهم بالرأي الحصيف والحكمة البالغة، هؤلاء القلة (هداهم الله للحق) وجدهم أصحاب الهوى كأداة طيّعة يستخدمونهم للتعبير عن أفكار وآراء لا تستهدف المملكة ومصر وحدهما بل تنال من تماسك أمة العرب وحمى الإسلام أمام متربصين لا تغفو عيونهم في سبيل الإضرار بهذا التماسك، أبناء مصر أحبابنا وإخواننا، بل أهلنا، هاهم بيننا نعمل سوياً ونتسامر معاً، ونتزاور بل إن روابط من الأخوة والدم والنسب والدين والثقافة لا يمكن فصلها فيما بيننا، ومثل ما هم في أعيننا هنا في المملكة، فإننا دائماً نكون في سويداء قلوبهم حينما نزور مرابعهم عملاً أو سياحة لم نجد إلاّ الابتسامة مع رقيق عبارات الترحاب وعاطر الاستقبال وكأنك أنت صاحب المكان وهم الضيوف، هؤلاء هم المصريون معنا ومع غيرنا غير أن نكهة خاصة ومذاقاً أروع تربط بين أبناء المملكة والخليج مع إخوانهم أهل مصر الخصبة أرضًا وعقولاً وأنفساً ومشاعر كما هو عطاء النيل ذاك العملاق الكريم الذي يعطي بسخاء وهدوء، فعطاؤه سخي نبيل دون ضجيج, فالنيل لا يتحدث عن نفسه فكرمه ابلغ تعبير وسكونه ابلغ تفسير وأهل النيل النبلاء عرفوا هذه المعاني وجعلوها عنواناً لتعاملهم معنا ومع الجميع، أما حفنة من الغافلين هناك فمثلهم كمثل قلة في تونس الحبيبة أو في بولندا الصديقة فكلهم أدوات طيعة دون أن يعلموا في أيدي طغمة لا تنشد لهم مجداً ولا نفعاً وستتخلى عنهم لحظة إنهاء المهمة أو قرب انكشاف المخطط وسيلتفتون فلن يجدوا خلفهم أو بين أيديهم أي خيال من تلك الأشباح التي وسوست لهم ودفعتهمإلى أفعال وأقوال نابية ضد المملكة وقياداتها لم يكن لها مرتكز أو سند، أما التعلق بوقائع تحدث في كل مكان وفي كل حين ولا يلتفت لها إلا حين تكون المملكة ومصر طرفاً فيها فهذا تجنٍٍ على بلدين وشعبين وإساءة لقيادتين تسعيان لصون كرامة شعبيهما وحفظ مقدراتهما والرفع من شأنهما في كل مجال، وهو ما تحاول جهات مبغضة أن تفسده وتحرف مساره وأن تخمد جذوة تنير طريق تلاحم يقود مصر والمملكة بشعبيهما إلى مسارات العز والرخاء والوقوف بوجه من يريد أن يقدم لمصر خبزاً ويسلبها كرامتها، فالرياض تعجن خبز ألأهل في مصر وتقدمه دون منة وإذلال.