كيف لجريدة يومية، أن تفرد صفحتين كاملتين لمطوّع يتحدث لنا عن خرافات دخول الجن للإنسان وخروجهم منه!! الخطأ ليس خطأه، إنه خطؤنا!! يقلُّ اهتمامنا بقضايا الإنسان وهمومه اليومية الملحّة، ويزداد حرصنا على نشر الخرافات والتفاهات المتعلّقة بالغيبيّات التي لا تقدم لحياة الإنسان سوى مزيد من الانفصال عن الواقع واحتياجات الواقع.
نحن ننتقد المؤسسات، وسلبيات المؤسسات، لكننا لا نجرؤ على انتقاد أنفسنا كمؤسسات معنيّة بالتثقيف والتوعية! بجد، نحن متناقضون. نطالب الجهات الحكومية والأهلية بتطوير ذواتها وآليّاتها، في سبيل خدمة المواطن والمقيم، ثم نقع في أكبر خطأ، تقع فيها مؤسسة معنيّة بخدمة الوعي. أليس أفراد المساحات الورقية والإلكترونية للترويج لقصص الجن والقراءة والمياه والضرب والأظافر والضفائر، شكلاً من أشكال التخلُّف الإعلامي؟!
أليست الجريدة التي تطرح مثل هذه المواضيع، على أساس أنها حقيقة، هي بالضرورة، جريدة متواطئة مع تغييب الوعي الاجتماعي؟! أليس النظام الإعلامي الذي لا يتخذ موقفاً من هذه الظواهر الصحفية والتلفزيونية والإذاعية، مداناً؟!
الجن على عيني ورأسي، ما فيه مشكلة. المشكلة أن أعتمدها لكي أروّج لجريدتي! أن أترك كلّ قضايا الصّحو، وأتشبّث بالغيبوبة!