يبدو أن الخيار الذي قدَّمه (الشيخ غازي الشمري) يوم الجمعة الماضية لأحد الأزواج على الهواء مباشرة عبر أحد البرامج الإذاعية كان مدوّياً، ولا يزال صداه يسمع حتى اليوم من خلال المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، وذلك عندما أشار على (الزوج المتصل) بقوله: طلقها هذا هو الحل لعلها تعود لرشدها..!

المتوترون والمتوترات اشتغلوا بالأمر وانقسم المناقشون حوله في الأيام الماضية ما بين مؤيِّد ومعارض، وخصوصاً أن هذا (الرأي العام) والإجابة القوية تعد سابقة بالحث على الطلاق فضائياً، وهو صادر من (رئيس لجنة إصلاح ذات البين) بإمارة المنطقة الشرقية..؟!

مما يجعل الأمر مثيراً أكثر, كونه رجلاً معروفاً بالعديد من المواقف المشهودة لردم الخلافات الأسرية، وتقريب وجهات النظر بين المتخاصمين وليس خلق خلافات جديدة، وتشتيت الأسر والدعوة لانفصالها..!

وحقيقة الأمر (محير جداً) وخطير، فمن الصعب أن يُقال لزوج (طلّق زوجتك) حتى تتأدب ولا تسافر مرة أخرى (دون علمك)، وتأخذ (الأذن المسبق) قبل المغادرة وعدم الاكتفاء بإرسال (رسالة نصيه بأنها غادرت) وتركت أطفالها خلفها، رغم خطأ (الزوجة بكل تأكيد)، حيث إن هذا الأمر غير مقبول عند أغلب الأزواج..!

كما دعا إليه الشيخ علانية مبرره أن (الزوج سبق أن حذّر الزوجة) بأنه سيطلقها إن تكرر الأمر، مما يجعلها هي من اختارت الطلاق..؟!

بكل تأكيد المقصود (طلقه واحدة) كطلاق (غير بائن) يجعل الزوجة تصحو من غفلتها وتعي ما يجري، ولكن هذا الرأي كان بمثابة الحجر الذي حرَّك المياه الراكدة في المجتمع، فالدعوة للطلاق (أبغض الحلال عند الله) علانية، دون الوقوف على تفاصيل وحيثيات وظروف الحالة، والبحث عن حلول أخرى تساعد الزوجين على تجاوز هذه العقبة، برأيي أنه أمر مرفوض تماماً..! وخصوصاً أنه (رأي واجتهاد) من الشيخ وليس (فتوى) أو حكماً شرعياً، ونحن نعلم تحرّج سماحة المفتي والعلماء الأفاضل من (وقوع الطلاق) في حال كان السائل متصلاً عبر الهاتف، في البرامج التلفزيونية والإذاعية ودوماً ما يطالب بزيارة أقرب (قاضٍ) وشرح التفاصيل له (لأخذ الرأي والفتوى الشرعية) لأن أمر الطلاق عظيم..!

إن وسائل الإعلام يشاهدها ويسمعها (الجميع)، وهذا الرأي لا يصلح أن يقدَّم عبرها, فقد يطبّقه مئات من الأزواج المتأثّرين الذين يعانون مثل هذه (المشكلة والصعوبة) مع زوجاتهم، على اعتبار أنه (الرأي الأصلح) والصادر من شخص متخصص..!

هي (ناقصة) يا شيخ..؟!

الأرقام المخيفة (للطلاق) في مجتمعنا تعرفها جيداً أكثر مني.. والناس تساهلوا بالأمر لحد أن من يعزمك يقول (علي الطلاق)، ومن أراد أن يفرض شخصيته على (المرأة المسكينة) هددها بالطلاق..!

الطلاق لم يعد بهذه الطريقة حلاً (لمشكلة).. بل بات (مشكلة) تهدّد كل الحلول الممكنة والمطروحة.. (طلقها) وعلى الهواء مباشرة.. صعبة يا شيخ!

وعلى دروب الخير نلتقي.