|
الجزيرة – نواف المتعب :
حذّر خبير من إغفال الأجهزة المعنية في دول الخليج توجيه الاستثمار نحو المشروعات الرأسمالية ذات المردود الحقيقي على الاقتصاد.. وقال أستاذ العلاقات الدولية والإستراتيجيات الدكتور عبدالله المدني لـ(الجزيرة): الوضع القائم الآن في الانجراف خلف المشروعات الترفيهية والاستهلاكية البليدة هو أمر سيضر اقتصاداتنا على المدى البعيد.. وأضاف: الاختلاف الحاصل بين دول الخليج ودول شرق آسيا فيما يتعلق بجذب الاستثمارات الأجنبية تدعيماً وتعزيزاً لاقتصادياتها الوطنية يتمثل في البيئة الاستثمارية. فالاقتصاديات الشرق آسيوية -بما فيها تلك التي ظلت طويلاً أسيرة لنهج التخطيط المركزي- بدأت بخطى حثيثة في تهيئة البيئة الجاذبة للاستثمارات الأجنبية عبر تأطيرها بقوانين وتشريعات واضحة المعالم، مع إسباغ الشفافية عليها، ناهيك عن تقديم أشكال مختلفة من المحفزات للمستثمر الأجنبي.
وشدد المدني على أن البيئة الاستثمارية الخليجية وعلى الرغم من كل ما حدث فيها من تطورات لا تزال تعاني، بصفة عامة، من إنعدام الشفافية وضبابية القوانين وتعسفها، الأمر الذي يجعل المستثمر غير مطمئن بفعل مجموعة قوانين وتشريعات مقيدة عفا عليها الزمن. وبسؤال «الجزيرة» حول مبررات اعتماد الدول الآسيوية على رأس المال المحلي أجاب الدكتور المدني أن ذلك عائد إلى الثقافة والتربية الآسيوية التي ترسخت في وجدان الفرد الآسيوي منذ نعومة أظفاره قيم الإدخار(كمحرك أساسي للاقتصاد) وقيم عدم التبذير، والتكافل، وتقديم العون للدولة (بغض النظر عن النظام القائم) بإعتباره واجباً وطنياً وتجسيداً للولاء ورداً للجميل. وبطبيعة الحال فإن ديننا الإسلامي يشدد على هذه القيم، لكن تظل المسألة في النهاية عند الفرد والمجتمع الخليجي مجرد شعارات، فكم من مؤسسة وطنية أومصرف محلي يحقق سنوياً ملايين من الريالات كأرباح صافية بحسب الإعلانات التي تنشرها هي نفسها عن حساباتها الختامية دون أن تكلف نفسها بتخصيص جزء من هذه الأرباح لردف مشروعات الدولة أو إقامة مشروعات رأسمالية حقيقية تعزز الاقتصاد الوطني وتوفر فرص وظيفية وتمنح الشباب أملاً في التحصيل العلمي المتقدم أو التدريب العملي في الخارج. وبطبيعة الحال هناك إستثناءات، لكنها إستثناءات قليلة ومعدودة.
ودعا أستاذ العلاقات الدولية والإستراتيجيات الخليجي إلى تعزيز الشفافية على كافة المستويات، ومحاربة أوجه الفساد الإداري كي يقبل المستثمر الأجنبي على الاستثمار في منطقة الخليج بإطمئنان وثقة، مع تقديم المزيد من المحفزات له، وضمان حريته وحرية فريق عمله في حق اختيار النمط المعيشي الذي اعتاده كما أنه لابد من إطلاق حملة من خلال الأجهزة الشعبية، وليس الرسمية، لاقناع المستثمر الأجنبي في الشرق والغرب بفوائد ومحفزات الاستثمار في منطقة الخليج.
وفي ختام حديثه قدّم الدكتور المدني وصفة للنهوض بشكل أكبر للبيئة الاستثمارية في دول الخليج حيث أشار لضرورة تدريس النموذج الآسيوي في احترام وقت العمل والالتزام الدقيق بمعايير العمل في المنشأة والاهتمام بالمحاكاة كقيمة تؤهل الفرد مع مرور الوقت للابتكار والإبداع الذاتي.. ذلك أن جزءاً كبيراً من النهضة الاقتصادية الآسيوية مصدره هذه الأمور، وأيضاً لابد من مراجعة قوانين وتشريعات ومحفزات الاستثمار الأجنبي من وقت إلى آخر لتطويرها ومنحها زخماً تنافسياً وقدرة على مقارعة مثيلاتها في الأماكن الأخرى.