الآن وبعد أن أخذت فعلة أحمد جيزاوي المدى الذي أتاح لغوغائيي الإعلام في فضائيات «متاجر الكلام» أن يكشفوا عن أقنعتهم الحقيقية، وأنهم لا يفقهون من الإعلام سوى الصراخ والشتم في ظل غياب المهنية والاحترافية.
الإعلام العربي ارتكز في بداياته على جهود إعلاميين لبنانيين ومصريين، وجيلنا الذي وعى قيمة الكلام وتأثيره، تعلم «حرفة الصحافة» على أساتذة الإعلام اللبنانيين والمصريين، وبالنسبة لأساتذة الإعلام المصريين يحتاج الباحث إلى مجلدات لإدراج جهود هؤلاء الأساتذة الذين أرسوا دعائم الإعلام، وتحتفظ الذاكرة العربية بالعديد من الأساتذة من الرواد الذين حظوا بالتقدير والاحترام ولا تزال أسماؤهم كالأقمار في سماء الإعلام العربي، ولهذا فإن المتلقي العربي يصاب بالحزن والألم حينما يرى أن من يتصدر الواجهة الإعلامية في مصر أنصاف الصحفيين في ظل تواري الأساتذة الكبار.
تعلمنا في غرف الأخبار أن المعلومة أو الخبر لا يمكن الجزم بصحته إلا بعد التأكد من مصدرين محايدين، ولذلك فإن جميع الصحف الورقية ومحطات التلفاز تشترك في جميع وكالات الأنباء العالمية إضافة إلى وكالات الأنباء المحلية فضلاً عن مراسليها الخاصين، أن لا ينشر الخبر، ولا تثبت المحطات الفضائية ذلك الخبر إلا بعد أن تتأكد المعلومة من مصدرين على الأقل.
في مسألة أحمد الجيزاوي، يخرج علينا إعلامي لا يملك من الانتساب للمهنة سوى الصراخ بخبر يؤجج الغوغائيين في مصر.. يصرخ بأسلوب ينزع عنه أحقيته في حمل الجزء الثاني من اسمه، يصرخ ويفتري: «أحمد الجيزاوي سيجلد 18 جلدة في السعودية»..!!
الشرارة التي دفعت بعض الجماهير المصرية للتوجه إلى السفارة السعودية، وارتكاب موبقات لا يقبل بها جميع المصريين.
في مصر هناك ظاهرة تقديم بلاغات للنائب العام لمن يعتقد أن الشخص الذي يطلب مقاضاته قد ارتكب جرماً يجب أن يعاقب عليه، والآن وبعد أن حرض الإعلامي -الذي لا يحمل من اسمه نصيباً- الشباب المصري الذي حاصر السفارة السعودية والقنصليات في الإسكندرية والسويس، هل نرى مصرياً وطنياً يرفع قضية على هذا (المهرج) الذي كان أحد المحرضين في واقعة الاشتباك الكروي بين مصر والجزائر.
هذا المهرج الذي دفعه شقيقه إلى الوسط الإعلامي، كنا نتمنى أن يتحلى بقليل من أخلاق ومهنية شقيقه الذي يعد أحد أساتذة الإعلام في مصر، في حين انحدر الشقيق إلى الدرك الأسفل شاتماً ومحرضاً وصانعاً لمصر وللعرب وهم غير مستعدين للانخراط بها لمجرد أن جاهلاً وجد من يفتح له قناة فضائية يمارس من خلالها إساءاته وشتم العرب.
jaser@al-jazirah.com.sa