حضرتُ ملتقى النقد الرابع في هوليدي إن الازدهار, ميولي ليست نقدية لكن الفضول لمعرفة مدى فاعلية النقاد وجديتهم ونوعية الأطروحات والدراسات التي يتناولونها. أدهشني حقيقة ثلاثة أمور.
الأول: كثافة الحضور وخصوصاً من الجانب النسائي. تنوع مراحلهن العمرية الحضور. وتنوع المؤهلات فليس كل الحاضرات أكاديميات أو كاتبات!.
الثاني: تداعي النَفَس الأكاديمي عن الخطاب الأدبي في النادي الأدبي. الأمر الذي كان ينفرني عن النادي حقيقة. فقد كان الضيوف يتمتعون بروح مرحة أضفت جذباً للمتلقي, وخففت من جو الجدية الباعث للنعاس أو الحنق!..
الثالث: ألقت إحدى الضيفات ورقة نقدية, وما أذهلني جداً, وبعد غياب طويل عن جو النوادي الأدبية, ما يزال الرجل يفرض وصايته الأدبية على المرأة!..
لأن حضرات المشاركين والضيوف أشبعوا الدكتورة نقداً وتقريعاً لا علاقة له بجوهر الموضوع المطروح في ورقتها!.
على سبيل المثال, أشار البعض للأغلاط اللغوية.
وبعد أن دققت على أوراق الرجال وجدت أغلاطاً لغوية بالغة لم يشر إليها أحد!.
الطريف في الأمر برغم سن الدكتورة ومكانتها العلمية إلا أنها تقبلت النقد وقالت: رحم الله من أهدى لي عيوبي!.
بالرغم من أننا لسنا بصدد إصلاح اجتماعي, نحن في بيئة نقدية لا مجال فيها لأن نتهادى العيوب!. ليتها واجهت النقد بنقد. بندية وليس بركون التلميذ للأستاذ.
لو طُرح سؤال: ماالذي يجعل بعض الرجال ما يزال يعتقد أن المرأة صفٌ ثانٍ؟ وأنها مهما بلغت من العلم والتفوق تبقى تلميذته ويبقى أستاذها؟.
هو وجود نوعية من النساء يعشن حالة من القبول بوجود الرجل «الوصي» وليس الرجل «الصديق».
كلنا نعرف أن القوامة التي خص الله بها الرجل لها علاقة ببعض الأمور المحدودة والمعروفة لدى الكل, لكن متى وأين امتدت الوصاية من تلك الدائرة الضيقة وطالت الأدب والعلم والثقافة والعلاقات الإنسانية؟ العالم الحديث ذوّب الصورة الجامدة للمعلم والمدير والأب أيضاً!.
بحيث خرج الأب من صورة المهيمن, والمتسلط ودخلت العلاقة بينه وبين أبنائه في إطار الصداقة الموشاة بالتفاهم, مما فتح قناة حوار وتضائل «الصوت الواحد في الأسرة»! الأستاذ في صفوف الدراسة لم يعد ذلك الوجود الذي ترتعد له الفرائص ويتفصد العرق.
أصبح المعلمون ينضمون لدورات تثقيفية تؤهلهم لأن يقتربوا أكثر من الطالب وأن يقدموا المادة العلمية الصماء بشكل مفعم بالمرح. وبذاك يصبح المعلم هو الصديق وانكسرت «الخيزرانة»..
في ظل هذا التطور الباعث للأمل تبقى نماذج سيئة ما تزال تعيش بذهنية المستبد والوصي.
لن ألقي باللائمة على الرجل.. لأن الرجل وهذه حقيقة قد تغضب المرأة. لكنه أكثر سلاسة في التعامل.
حتى أشد الرجال جهلاً بإمكانه أن يتفهم المرأة التي تتقن استخدام المفتاح الصحيح لإسماعه.. وسوف يؤمن بها,.. لا محالة!.
المرأة هي عدوة نفسها الأول..
تلك حقيقة لابد أن تدركها جميع النساء.
إن حقوقها موجودة ومتوفرة وليس عليها إلا أن تتجشم عناء أن تمد يدها.
الاحترام, العمل, المال, المكانة, العلم..
كل شيء متوفر ولا شيء يمكنه أن يعترض طريقها.
وأريد هنا أن أشير سريعاً للمطالبات بحقوق المرأة. إنهن يسرن في الطريق الخطأ! حقوق المرأة مُصانة وإذا كان هناك من يمكننا أن نسميه مستلِب حق, فهو «المرأة نفسها»... لا النظام الإسلامي والدستور ولا الرجل هما حجر العثرة لأن تعيش حياة الكرامة.
ما سلبها هو «ذاتها, خنوعها, جبنها, رضاها.. وضعفها». إذا وجدنا مضطهِداً في مكان ابحث عن المُضطهَد الذي أنبت له المخالب!..
kowther.ma.arbash@gmail.com