تلقيت الأسبوع الفائت اتصالا هاتفيا ثمينا في ملامحه, وعميقا في معانيه, وأبعاده التاريخية.. من معالي وزير العمل والشؤون الاجتماعية -سابقا- الشيخ (عبدالرحمن أبا الخيل).. معبرا عن عميق شكره وخالص تقديره للجزيرة -الصحفية- على مبادرتها وتفاعلها واهتمامها بسرد جانبا من إسهاماته التاريخية في الشأن الرياضي تحديدا, والذي جاء متزامنا مع حفل تكريم معاليه ضمن برنامج تكريم الرواد العمالقة, والرموز الوطنية الكبيرة, والشخصيات الاجتماعية والثقافية المتميزة من أبناء المحافظة, التي نظمته (مؤخرا) الجمعية الخيرية الصالحية بعنيزة على شرف سمو أمير منطقة القصيم (فيصل بن بندر بن عبد العزيز).. في لفتة وفائية وبادرة عرفانية وشعور وجداني متبادل من أهالي محافظة عنيزة تجاه ابن من أبنائها الأوفياء الذين خدموا وطنهم في مجالات مختلفة سواء على الصعيد الاجتماعي أو العمالي أو الخيري أو الدبلوماسي والرياضي قبل نصف قرن من الزمن, والوزير (أبالخيل) كشخصية اجتماعية وثقافية ودبلوماسية ورياضية.. عرف عنه دماثة الخلق والتواضع الجم والتفاعل الإيجابي, وعفة اللسان, ونزاهة اليد, وكرم الذات والفعل الذي منحه رصيدا كبيرا في بنك العلاقات الاجتماعية والإنسانية حتى بعد مغادرة منصبه وكرسيه الوثير, كما قال عنه الأديب الشوري الأستاذ حمد القاضي في مقالته الرصينة, وسطوره الثرية التي كتبها عبر الجزيرة.. بعنوان (الشيخ عبد الرحمن أبا الخيل: وزير من الزمن الجميل).
* اتصال الوزير الرياضي (المهذب) مع كاتب السطور, خرجت منه بحقائق تاريخية دامغة - بصفتي باحث في شؤون تاريخنا الرياضي- فقد استلهمت ونهلت من معين معاليه - كنسيج من خبرات تراكمت في المجال الرياضي, ومصدرا أوليا تاريخيا ومعرفيا وثقافيا عايش حقبة البناء الرياضي في أهم مرحلة مفصلية- (بعض) المعلومات الأرشيفية, والأرقام الصحيحة, والحقائق الدامغة, والشواهد التاريخية, المتعلقة بالحركة الرياضية في بداياتها (انتقاليا وتنظيميا) وهي المرحلة التي اختلف عليها الكثيرون, ولم يتفق علها حتى بعض المؤرخين في تدوينهم وتوثيقهم وضبطهم للحركة الرياضية, عبر سجلاتهم التاريخية, باعتبار أن المستنير (أبالخيل) كان في تلك الأيام الخوالي المسؤول الأول عن النشاط الرياضي, ومن الرواد الأوائل الذين وضعوا الأسس الهامة للنهوض بالحركة التطويرية والتنظيمية للرياضة السعودية في مرحلتها الانتقالية... فتحدثت معه عن أهم مرحلة في تاريخ الرئاسة العامة لرعاية الشباب وتحديدا قبل نصف قرن من الزمن, واكتشفت ومن حديثي معه وقراءتي لسيرة معالية الاجتماعية والثقافية والرياضية أنه لعب دورا مفصليا في نقل النشاط الرياضي من وزارة المعارف إبان مسماه اللجنة الرياضية العليا إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية, واستحداث إدارة تعني بالرياضة بمسمى إدارة رعاية الشباب, وتحديدا بعد صدور الأمر الملكي الكريم في 11-10-1381 بتعيينه وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية واستمر في منصبه حتى منتصف التسعينيات الهجرية من القرن الفائت, وربما لا يعرف الكثيرون أن الوزير الرياضي السابق أبا الخيل, هو أول من تولى رئاسة اللجنة الأولمبية السعودية بعد تأسيسها وولادتها عام 1384هـ إضافة إلى تأسيس بعض الاتحادات الرياضية وصياغة التنظيمات واللوائح للأندية والمسابقات الرياضية, هذا فضلا عن قيام -وزير الزمن الجميل- بوضع حجر الأساس للملاعب والصالات الرياضية في مناطق المملكة الرئيسية الثلاث - الرياض - جدة - الدمام في النصف الثاني من عقد الثمانينيات الهجرية, كما كانت له جهود مضنية وبصمات خالدة في تأسيس المجلس الأعلى لرعاية الشباب وتحويل إدارة رعاية الشباب إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب كجهاز مستقل بذاته عام 1394هـ وأخيراً من أكبر إسهامات الوزير الرياضي المستنير عبد الرحمن أبا الخيل طلب تعيين الأمير الراحل فيصل بن فهد -رحمه الله- مديراً عاماً لرعاية الشباب خلفاً للأميخالد الفيصل الذي صدر قرار ملكي كريم يقضي بتعيينه أميراً لمنطقة أبها عام 1391هـ, وأمام هذه المعطيات والتضحيات والإسهامات الريادية التي جسدها الوزير الرياضي السابق.. نتمنى أن تبادر رعاية الشباب في حفظ تاريخها وتدوين مسيرتها ورصد تحولاتها التنظيمية عبر أهم مصادرها الأولية.. من بداية انتقالها من وزارة المعارف, وولادتها كإدارة شبابية رياضية من رحم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في أيام شبابها قبل نصف قرن من الزمن, وذلك بالاستفادة من وجود رائد التنظيم الإداري والمالي الرياضي معالي الشيخ (عبد الرحمن أبا الخيل) وهو حي يرزق -أطال الله عمره- في كتابة تاريخ الحركة الرياضية بالمملكة من مصادره الأولية وحفظ وثائقها وصورها النادرة المتوفرة بغزارة في مكتبة معاليه وحتى لا نفقد مزيدا من وثائق تاريخنا الرياضي.. برحيل الرموز, وتختفي حقائقه الدامغة وتطمس معالمه. وتدفن أرقامه.. كما حصل برحيل رائد الحركة الرياضية بالمنطقة الوسطى الشيخ عبدالرحمن بن سعيد -رحمه الله- الذي ترك إرثا تاريخيا وكنزاً معلوماتياً وثائقياً عن الحركة الرياضية بالمنطقة الوسطى.. لا نعرف أين مصير هذا التاريخ الكبير بعد رحيل الرمز الشهير؟!!
Twitter@kaldous1