كثيراً ما تراودني بعض الأسئلة حول الحاجة الفعلية لهذا النمو المتداعي لبناء العمائر السكنية، والبيوت الكبيرة، والأسواق التجارية الوسيعة التي تحتاج من المرء الساعات الطويلة لمجرد مسح طابق واحد منها خلال ساعات، فما بال بمن يتسوقها،..
الأمر الذي معه اتسعت رقع مساحات المنشآت المبنية التي أضحت أحياء سكنية لا حصر ولا حدود لها، تباعدت فيها المسافات، واقتحمت فيها الصحاري والفلوات, واستوجبت ضخ المياه، والكهرباء، بل كثرة العربات، وما يتبع ذلك من إنشاء الطرق، وتوسعة المسارات، على أن عدد السكان لكل المملكة يعد مثالياً بين الدول...
بالتأكيد فإن توسعة المدن، وتطور البناء فيها عدديا، هو وجه من أوجه الحضارة، بل هو مؤشر لاستقرار الأفراد، لكن هناك في المقابل ارتفاعا كبيرا في أسعار التأجير، إذ لا تناسق بين كثرة الأبنية السكنية، وأسعار التأجير، زاد الأمر صعوبة هو غلاء العقار لأسعار تصل بعيدا عن قدرات الأفراد الذين يلجأون للاقتراض من البنوك لتأمين سكن يمتلكونه، بما يقضي على الجزء الأكبر من دخلهم للتسديد الذي يكون على مدار يصل نصفا من سنوات أعمارهم أو تزيد.. إذ لا يكاد يحصل أحدهم على المسكن الذي يتم له شراؤه عن طريق البنوك، إلا يبدأ في الدفع الشهري لسداد القرض، بما يجعله يعيش سنوات قد تصل لربع قرن، وهو ضيق اليد لمواجهة السداد، حتى إذا ما بلغ السداد كان عمره قد أهدر، وشبابه قد فني،...!!
بينما توجه نظر الأفراد الآن لمشروع الإسكان القادم..
ثمة ما استدعاني اليوم لأن أتحدث في هذا، وهو ما ورد في مقالة الدكتور (جاسر الحربش) يوم أمس الأول الأربعاء عن الهدر في المياه، وخطورة القادم من توقعات الجفاف.. حيث تخيلت عدد الأبنية الضخمة، والكبيرة، والكثيرة، التي تنشأ في الأحياء على قدم وساق، وإمكانات المياه، ومستقبلها المخيف.. في ضوء الهدر... فكلاهما هدر..
إذا ما تخيلنا كيف سيكون وضع هذه المباني العالية الكثيرة، المنتشرة المتاخمة، حينذاك...؟
ربما يحتاج الإنسان ممن يعمرون، ويتسابقون في بناء العمائر السكنية الكثيرة، بهدف التكاثر في الأموال، للتروي قليلا في طموحاته هذا الإنسان، وقوتها المنتحية نحو الثراء...
فثمة ما يحتاجون إليه من التفكير في ضرورة التوازن..
ليجد كل فرد مأواه بلا عناء، ويستطيع أن يتصرف في كل أمر دون هدر، على شتى أنواع الهدر..
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855