لا يستند عنصر النصر والرزق في الإسلام إلى قوة مادية، بل يرتكز على محور أو جوهر روحي مستقى من حديث المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام الذي يقول فيه: (وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم)، كما روى الإمام البخاري في صحيحه.
فالقوة نتيجة سابقة للمعلومة وليست المعلومة سابقة لها كما في المفهوم الإعلامي الغربي، فالله تعالى يقول: {وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} (60) سورة الواقعة، وهذه القــوة الروحية لا تتمثـل في العقاب والقسوة والعنف والتأنيب، وإنما في الدعاء والصدقة.. الدعاء في جوف الليل، بأن يهب الله المسيئين للمحسنين - على سبيل المثال - ودبر كل صلاة مكتــوبة وعند اجتماع الصفوف.. الخ.
والصدقة المخفية، التي نــوه بها القرآن الكريم بالنسبة للفقراء الذين يستوي بهم الضعفاء رغم الاختلاف النسبي بينهم هي التي قال عنها سبحانه: {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (271) سورة البقرة، وفي هذه الآية تبرز لنا مسألة الخير في ذات شأن عظيم في حياتنا، ومنها جاءت (خيرية) أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
إن الدعاء لهؤلاء الضعفاء بالخفاء في جوف الليل سهام تدفع عنهم البلاء وتكشف عنهم البرحاء وتدنو بهم من الرجاء، حينما ينزل الله تبارك وتعالى في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا فيقول: (هل من مستغفر فأغفر له.. إلخ الحديث القدسي).
ونحن حينما نتصور الفرق بين طريق الهداية وطريق الغواية نجد البون شاسعاً، فهنا الندى يكلل طريق الهدى، وهناك الشوك مزروعاً على طريق الغوى!!