أُقيم في الدَّمام مؤتمر الإسلام والسلام دعت إليه جامعة الدَّمام، وأشرفت على الإعداد له وتنظيمه كلية الآداب من خلال قسم الدراسات الإسلامية، وهو مؤتمر مهم في موضوعه، وفي توقيت إقامته، وفي تنوُّع بحوثه، وضيوفه الذين جاؤوا إليه من داخل المملكة وخارجها.
أُقيم المؤتمر برعاية وزير التعليم العالي، وافتتحه مدير جامعة الدمام معالي الدكتور عبد الله الربيش، وأشرف القسم النسائي بقيادة عميدة كلية الآداب الدكتورة مها بنت بكر على التنسيق والتنظيم بصورة دقيقة ظهرت لضيوف المؤتمر من خلال التنسيق المتميِّز بين قاعتي الرجال والنساء، ومن خلال دقة التوقيت، وبعض اللَّمسات التي تُوحي باهتمام كبير، وحرص على نجاح المؤتمر.
شاركت بقصيدة «هو الإسلام» التي مطلعها:
من الإسلام ينبثق السلام
ويُبْنَى من مبادئه النظام
وآخر بيت فيها:
هو الإسلام منهجه سلام
على الدنيا، ومَنْطِقُهُ سلام
وقد ألقت عميدة كلية الآداب د. مَهَا كلمتها من القاعة النسائية، فجاءت مختصرة مفيدة، كما ألقى مدير الجامعة كلمة تحدَّث فيها عن أهمية المؤتمر في هذه المرحلة التي يُتَّهَمُ فيها الإسلام وأهله بتهم باطلة من العنف والإرهاب.
ومما تميَّز به المؤتمر وجود عدد من الرعاة من القطاع الخاص، ووجود عدد من الشباب العاملين بنشاط وإخلاص ظاهرين، ومتابعة متواصلة لجلسات المؤتمر ولقاءاته.
كنت قد خاطبت في الكلمة التي قدَّمت بها للقصيدة حضور المؤتمر بقولي: «تحية لكم أيها المؤتمرون» فرأيت الحضور يبتسمون وقد نظروا إلى هذا الخطاب بصفته طرفةً، وحينما التقيت ببعض ضيوف المؤتمر بعد الاحتفال وكان من بينهم الأخ د. تركي بن سهو العتيبي، وجدتهم يناقشون هذه العبارة وقد أبدى د. تركي اعتراضه عليها لأن الائتمار في نظره لا يكون إلا في الشرِّ بدليل قوله تعالى: {إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} فكأن في مخاطبتي لحضور المؤتمر بقولي: «أيها المؤتمرون» وصفاً لهم بوصف غير جميل ولا لائق بقومٍ يجتمعون للحديث عن الإسلام والسلام، ومع أنني قصدت بالكلمة الملاطفة فعلاً، إلا أنني أبديت للدكتور تركي رأيي المخالف لرأيه، في أنَّ الائتمار كلمة تدل على الاجتماع لأمرٍ من الأمور خيراً كان أم شراً، وأنَّ السياق هو الذي يحدد المعنى المراد، إلا أن الدكتور أصرَّ على رأيه في أن القرآن استخدمها في معنى معيَّن، ولا يصح الخروج عن هذا المعنى.
كانت لي أمسية شعرية في اليوم الثاني من أيام المؤتمر سعدت فيها بإلقاء عدد من القصائد على جمهور مثقَّفٍ متذوِّق، وجرى في ثنايا الأمسية مناقشات نقدية حول الشعر وفنونه وقضاياه والغزل بصفته غَرَضاً معبِّراً عن الجانب الوجداني العاطفي عند الشاعر وقد قدَّمت الأمسية د. البندري السديري من القسم النسائي تقديماً أدبياً راقياً.
إنَّ موضوع السلام في الإسلام موضوع مهمٌّ عالمياً، لأن موجات التشويه التي يطلقها أعداء الإسلام داخل العالم الإسلامي وخارجه تهدف إلى إلصاق صفة الإرهاب والعنف بديننا الحنيف، وهو دين الأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، وأتباعه هم الذين يتبادلون السلام تحيَّةً طيِّبة من الله مباركة، ويرعون حقوق البشر على اختلاف أجناسهم وألوانهم وأديانهم، وهذا هو الأصل في كل مسلم يؤمن بالله سبحانه وتعالى ربَّاً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيَّاً وبالإسلام ديناً. وإنَّ قيام المسلمين بمهمة الرَّدِّ على موجات التشويه واجبٌ لا بد من العناية به لإحقاق الحقِّ، وإزالة الغشاوة التي تغطِّي عقول بعض البشر من مسلمين وغير مسلمين.
أُحيِّي جامعة الدمام التي أقامت هذا المؤتمر، وأُحيِّي وزارة التعليم العالي التي رعته، وأُحيِّي الإخوة والأخوات الذين قاموا بواجبهم في الدعوة له وتنظيمه وتنفيذه أحسن تنفيذ، كما أُحيِّي ضيوف المؤتمر الذين قدَّموا بحوثاً متنوعة في هذا الموضوع المهم، فقد تحدثوا عن السلام عقدياً وفكرياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وطرحوا من الآراء والمقترحات ما هو جدير بالاهتمام.
وأخيراً.. أسأل الله أن يفتح لتوصيات هذا المؤتمر وغيره من المؤتمرات النافعة أبواب التنفيذ والتطبيق التي قلَّما تُفتح في عالمنا الإسلامي إن الله سميع مجيب.
إشارة:
أَنْتَ السلام ومنك يا ربِّ السلام.