لقد تابعنا خبرَيْن مهمَّيْن نشرتهما الصحف مؤخراً عن بحث مجلس الشورى مقترحاً بتحويل رعاية الشباب إلى وزارة، وأهمية إعادة بحث التوصية بإنشاء وزارة للصناعة.
وبالطبع هناك تباين في وجهات النظر حول إنشاء هذين الجهازين، وبمعنى أصح ترقيتها من رئاسة ووكالة إلى وزارة.
لقد كثر الكلام حول إخفاقات رعاية الشباب، أو بمعنى أصح (رعاية كرة القدم)؛ فنتائج المنتخب في تدهور وانتكاس، وذلك على مستويات المنتخبات أو الأندية، أو العكس؛ فتصنيف منتخب كرة القدم في انحدار دائم، كما أن عدداً من الأندية نزلت إلى درجات أقل، وتعاني مشاكل عالية، وتعيش على تبرعات وصدقات بعض رجال الأعمال.
اسم رعاية الشباب يجب أن يكون أشمل من كرة القدم، ومهامها اسمى وأكبر من ذلك بكثير. يجب أن تكون رعاية الشباب من جميع النواحي وليس الرياضة فقط، وهم يشكّلون أكثر من 60 % من المواطنين، ورغم الميزانيات الضخمة المعتمدة لرعاية الشباب فصيانة الملاعب فقط مخصص لها أكثر من 700 مليون ريال. رعاية الشباب يجب أن تكون متممة لدور وزارتَيْ التربية والتعليم والتعليم العالي من الجوانب التربوية والاجتماعية والتوعوية في شتى المجالات؛ لأنهم رجال المستقبل (ذكوراً وإناثاً).
إيرادات دوري هيئة المحترفين بالمليارات، ورغم أنها من المفترض أن تكون من حق الأندية إلا أن الأندية لا يزال نصيبها من هذا الدخل ضعيفاً جداً، ومصروفات الأندية لا يغطيها الدخل من الهيئة؛ فالأندية الكبيرة وعقود اللاعبين المحترفين (المحليين والأجانب) تتراوح ميزانياتها بين 200 مليون ريال في السنة الواحدة، وهذه أندية كرة قدم فقط. بينما الأندية المفروض أنها أندية اجتماعية ورياضية وثقافية، ولا تقتصر الرياضة على كرة القدم فقط، وإنما جميع أنواع الألعاب الجماعية والفردية والسباحة والفروسية والرماية.
ومتى ما كانت رعاية الشباب شمولية في أعمالها في كل ما يهم الشباب فإنها تستحق أن ترقى إلى وزارة للشباب. أما في وضعها الحالي فلا أعتقد أنه يوجد من يؤيد تحويلها إلى وزارة.
أما الصناعة فموضوع آخر؛ فهي من أهم القطاعات الاقتصادية بالمملكة ومؤشراته الاقتصادية:-
«القيمة المضافة للقطاع الصناعي 246 مليار دولار أمريكي».
«القيمة المضافة للصناعة التحويلية 44 مليار دولار أمريكي».
«القيمة المضافة للصناعة الاستخراجية 203 مليارات دولار أمريكي».
«مساهمة الصناعة التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي 10 %».
«مساهمة الصناعة الاستخراجية في الناتج المحلي الإجمالي 40 %».
* المصدر: تقرير المؤشرات الصناعية للدول العربية - ديسمبر 2011 (مقربة إلى أقرب عدد صحيح).
من المؤشرات أعلاه يتبين لنا أهمية القطاع الصناعي السعودي.
ولعلنا نذكر أن الانطلاقة الكبيرة للقطاع الصناعي كانت بإنشاء وزارة الصناعة والكهرباء، ولا ننسى أيضاً أنه خلال الفترة نفسها تم إنشاء كل من الهيئة الملكية للجبيل وينبع، وأضيف لها مؤخراً مدينة رأس الخير، وأيضاً إنشاء الصندوق الصناعي. كما لا ننسى مركز الأبحاث والتنمية الصناعية ومن ثم الدار السعودية للخدمات الاستشارية التي كان لها الدور الأساسي في تخطيط وإنشاء المدن الصناعية. كما كانت الدار السعودية تقوم بدور فني لوزارة الصناعة ومن ذلك إعداد دراسات الفرص بالمناطق المختلفة ورسم السياسات الصناعية.
إن سلخ قطاع الكهرباء من الصناعة وضمه لقطاع المياه، وكذلك إلغاء الدار السعودية للخدمات الاستشارية والجهاز الإداري الحالي لوكالة الصناعة، لا يمكن أن يخدم قطاع الصناعة بمؤشراته المشار إليها أعلاه.
إن إنشاء وزارة للنصاعة أصبح ضرورة وليس ترفاً؛ لذلك أوصى مجلس الشورى مرات عدة بضرورة إنشاء جهاز للإشراف على التنمية الصناعية وتطبيق الاستراتيجية الصناعية واستصدار نظام جديد للتنمية الصناعية يحل محل النظام الحالي الذي مضى عليه أكثر من نصف قرن. إن الصناعة تحتاج إلى جهاز قوي، وله صلاحيات لمتابعة انطلاقة الصناعية التي بدأت منتصف السبعينيات الميلادية السابقة.
كما أن قطاع الشباب، الذين يعقد الأمل - بعد الله - عليهم، من المهم وضع استراتيجية لتشجيعهم ورعايتهم والاهتمام بكل الأمور المتعلقة بهم من النواحي التربوية والاجتماعية والاقتصادية، والاستفادة من أوقاتهم بما يعود عليهم وعلى الوطن بالخير، ومن ذلك التربية الرياضية الشاملة، وليس كرة القدم فقط، وهذه المهام - بلا شك - تحتاج إلى وزارة مسؤولة عن كل أمور الشباب.
خير الكلام ما قلَّ ودلَّ
قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ} (80) سورة الأنبياء.
قال الشاعر:
إن الشباب والفراغ والجدة
مفسدة للمرء أي مفسدة
والله الموفق.
(*) عضو جمعيتَيْ الاقتصاد والإدارة السعودية
musallammisc@yahoo.com