أُشفقُ على نفسي، وعلى أحوال الشعوب الإيرانية، بشكل خاص، من الدرك الذي انحطّت إليه الثقافة الفكرية والسياسية لساسة طهران وعسكرييها، الذين يئنّون أنيناً صارخاً، وجَعاً وجنوناً، تحت وقْع استعدائهم شعوب العالم بعامة، والشعوب العربية والإسلامية بخاصة.
ليس المطلوب، ولا مصلحة لأحد إطلاقاً، حتى لساسة وعسكريي «نظام ولاية الفقيه»، أن يهبط فكرهم السياسي والأخلاقي والعقلي إلى أسفل سافلين، تعبيراً عن الإفلاس العقائدي، فيُضحي الاستماع إليهم يومياً، نوعاً من الإشفاق، أو نوعاً من التعذيب النفسي والروحي، حزناً على ما آلت إليه أوضاع الشعوب (بلى: الشعوب) الإيرانية.
هل يُمكن أن تسقط العنصرية الفارسية إلى هذا القعر المُخجل من مستنقع الانحطاط؟!
تحت شعارات تبجّحية عن الإسلام والممانعة والمقاومة وإغراق إسرائيل في كل بحور العالم ومحيطاته، وإحراقها في معابد المجوس النارية الفارسية، يكاد الاستنقاع في الانحطاط أن يسود إيران، شاملاً كل المستويات، من السياسة، إلى العمران، إلى الاقتصاد، إلى القانون، إلى الأخلاق، إلى الضمير، إلى الأمن، إلى العقل.
ليس غريباً على نظام لا يعرف لنفسه، طيلة ثلاثة وثلاثين عاماً، هدفاً ولاطريقاً يُحقق بهما لشعوبه الاستقرار والأمان والتقدّم والازدهار، أن يُصبح ما فيه، ومنه، كل شيء مُباحاً ومسموحاً ومُنتهكاً.
ما الذي يريد أن يقوله أحمدي نجاد من حملاته التحقيرية العنصرية للعرب وللمسلمين كافة، لا سيما شعوب الخليج العربي، آخرها التي يتبجّح فيها أن فارس وحدها صاحبة حـضـــارة تاريخية، أما «الآخرون»، فمجرد «جهلة»؟!
مضاعفات العزلة الدولية والإقليمية، التي فرضها على نفسه نظام ولاية الفقيه، أولاً. وخسارته الـوشـيكة لرئتيه في العالم العربي: النظام العلوي في سورية، وحزب حسن نصر الله في لبنان، ثانياً. وبدء تمدّد الحريق المذهبي إلى أنسجة شعوب إيران، ثالثاً.
كل ذلك أصاب أحمدي نجاد وأتباعه ووكلاءه وخلاياه النائمة والمستيقظة، بنوع غريب ونادر من الهستيريا الجنونية العنصرية، التي تتشكّل، عادة، من شظايا لغوية، يتم تركيبها بصورة عشوائية، مثل قصيدة مُقزّزة، قرأتها قبل أعوام، لشاعر فارسي لم يجد مكاناً يضع فيه رأسه سوى حذاء المرأة، التي صارحته بأن شخصيته.. مُقرفة.
ليأخذ، إذن، زمن الهستيريا الجنونية العنصرية الفارسية مداه في مستنقع الانحطاط.
فلا بدّ، في يوم ما، أرجو أن لا يكون بعيداً، من أن تقْرف الشعوب الإيرانية من هكذا انحطاط، فتذهب باحثة عن نظام عاقل بديل، يضمن لها مصالحها مع كل جيرانها، على الأقل.
Zuhdi.alfateh@gmail.com