لا يمكن الجمع بين أن تكون قيادياً إدارياً، وبين أن تستخدم (ألاعيب السياسة) في إدارتك، فالمنطقتان تختلفان، منطقة الإدارة لها مهاراتها وأصولها وفنونها، ومنطقة السياسة لها دهاليزها ومؤامراتها وألاعيبها, وعندما تتقمص شخصية السياسي في جهة إدارية (حكومية / أهلية) فإنك تخسر، فالأجواء العامة لا تريدك سوى قيادي صادق تقدّم الدعم والمساندة والتسهيلات للمرؤوسين، وتعمل على تطوير المنشأة لتحقق أهدافها في الوقت الذي تحقق فيه أهداف المرؤوسين. السياسي بطبعه (متلوّن) يوم معك ويوم ضدك، تجمعه المصلحة وتفرّقه العداءات، وعدو الأمس ربما يكون صديق اليوم، وصديق اليوم ربما يكون عدواً في المستقبل, لهذا فالذي يستخدم فنون السياسة في أعمال إدارية يفشل فوراً، ولا يستمر لليوم التالي في مكانه، ربما ينجح في المناطق السياسية، أما المناطق الإدارية فمصيره الخروج.
الموظفون لا يجدون صعوبة في كشف (الإداري الذي يتقمص شخصية السياسي)، حتى لو حاول إخفاء نواياه، فإن سلوكه يكشفه، لأن سلوك الإداري القيادية يختلف عن سلوك الإداري السياسي، وشتان بين الاثنين، وهذا ما يجعل الموظفين فوراً يفقدون الثقة في مديرهم إذا كان بمواصفات سياسية لا يثبت على حال واحدة.
الإداري السياسي مشغول بالتحالفات البينية, هدفه إسقاط أناس ورفع أناس، لا يهمه من يسقط ومن يرفع بقدر ما يسعى إلى تحقيق مصلحته الشخصية في النهاية، تحركاته كلها إستراتيجية بأهداف بعيدة نفعية تحقق مبتغاه.
الإداري السياسي يترك منشأته الإدارية التي يعمل بها بلا إنتاج ولا إنجاز ولا أعمال، يتركها كما دخلها لأول مرة لم تتقدم ولم تتطور ولم تتجدد، وهذا يعود لأنه يعمل من أجل مصالحه الخاصة، فكل منجزاته: مجاملات، هدايا، مدائح، ابتسامات، عقود، ألاعيب.
هذان معياران يمكن الوثوق بهما في اختيار القيادات الإدارية بعيداً عن (الترشيحات) ذات الطابع السياسي لأننا بحاجة إلى فكر إداري محض وقيادي إداري محض ومنشأة إدارية محضة لا مجال للألاعيب السياسية بها.
إلى حين الوصول إلى هذا الهدف النبيل، ربما تكون قد هلكت المنشأة في الصراعات السياسية: في حين يخرج الإداري السياسي بـ (سلة) من المصالح الشخصية مع (سلة) أخرى مليئة بالسكر والضغط والقولون، فهنيئاً للإداري السياسي بـ (سلتيه).
nlp1975@gmail.com