تستضيف جامعة حائل، ممثلة بقسم الثقافة الإسلامية في كلية التربية، اليوم الثلاثاء ويوم غد الأربعاء 3 - 4 -6 - 1433هـ رؤساء أقسام الثقافة في جامعاتنا السعودية الحكومية والخاصة، وكذا الأساتذة المختصون بهذا العلم المهم؛ وذلك من أجل مدارسة ومناقشة والحوار حول مراجع ومفردات مقررات الثقافة الإسلامية التي يدرسها جميع طلاب وطالبات الجامعات السعودية، ومحاولة الخروج برؤية متقاربة حيال الخطوط العريضة لمناهج الثقافة في جامعاتنا السعودية، رغبة في التوظيف الأمثل لهذه المواد في تعزيز روح الانتماء، وبناء الشخصية، وتقوية الالتزام القيمي والسلوكي، والشعور بالاعتزاز الحضاري والشهود العالمي الذي انتدبنا الله له، وجعلنا أمة وسطاً من أجله.
إن حلقة النقاش هذه، التي تنعقد في رحاب جامع حائل تحت عنوان “الثقافة الإسلامية في جامعاتنا السعودية”، لها أهمية خاصة في نظري؛ فهي تأتي استجابة لضرورة الاهتمام الفعلي اليوم بالتكوين الثقافي للشاب السعودي الذي تتجاذبه التيارات الثقافية ذات اليمين وذات اليسار. وليسمح لي الأكاديميون في هذا التخصص بسوق هذه الملاحظات العاجلة ذات الصلة المباشرة بموضوع حلقة النقاش محل الحديث:
* تعدد المرجعيات والمراجع حسب المدارس الفكرية التي تشكل داخل إطارها عضو هيئة التدريس نتيجة عوامل عديدة ومن جراء وجوده في بيئة حاضنة لهذه المدرسة أو تلك، خاصة في الجامعات الجديدة التي استعانت - وما زالت تستعين - بعدد من الإخوة الأشقاء من بلاد عربية مختلفة، وهذا جزماً قد يؤثر في رؤية الطالب للأحداث وقراءاته للمستقبل وفهمه لمعطيات الواقع وتصوره للكون والإنسان والحياة.
* عدم التركيز على الجانب القيمي الذي يؤثر في السلوك الحياتي اليومي لدى الطالب؛ لذا فإن هناك الكثير من سلوكيات طلابنا وطالباتنا في المرحلة الجامعية هي محل مؤاخذة واستغراب، ويجب إعادة النظر فيها وتصحيحها بشكل سريع، وكثيراً ما يعول على مواد الإعداد العام خاصة مقررات الثقافة الإسلامية القيام بهذا الدور المهم، وهي بالفعل المرشحة وبقوة - في نظري - لبناء الشخصية الوسطية والمتكاملة والمتزنة والواعية للشاب السعودي.
* القضايا المعاصرة الحاضرة في وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي، وكذلك وسائل الإعلام المحلية منها والعالمية، الحكومية والخاصة، تحتاج إلى أن يقول فيها أساتذة الثقافة المختصون رأيهم المدروس والمسؤول؛ حتى تكون المرجعية الثقافية للشباب التواق والمتطلع للجديد واضحة، والرؤية متكاملة. إنني أستغرب مثل غيري غياب الأكاديميين المختصين بالثقافة الإسلامية، الذين يحملون درجات عليا وبامتياز، عن ساحتنا الثقافية بشكل ملحوظ؛ الأمر الذي أتاح لغيرهم أخذ دورهم والتحدث باسمهم وتمثيل الوطن عنهم داخلياً وخارجياً. ولعلي هنا أؤكد أهمية انبراء المثقف المختص للمناشط المنبرية والإعلامية ومشاركته بفاعلية في مناسباتنا الثقافية الوطنية وإعطائه وجهة نظره الواضحة في الحراك الثقافي السعودي اليوم، كما أنني أتعجب من ضَعْف أثر المختصين في أوساطنا الأكاديمية وعجزهم عن القيام بدورهم المناط بهم في تحقيق الأمن الثقافي!!
* إن لدى جامعاتنا السعودية كمًّا هائلاً من الرسائل العلمية المتميزة والأبحاث الثقافية المتخصصة، وهي أشد ما يكون المجتمع حاجة إليها اليوم، وحقها أن ترى النور. ولعل هذه القضية محل مدارسة ونقاش في هذه المناسبة العلمية المرتقبة.
* أعتقد أن لدى الجامعات السعودية التاريخ الطويل ذاته وتجارب متميزة في صياغة مناهج مقررات الثقافة الإسلامية وآليات تدريسها وكيفية توظيفها التوظيف الأمثل من أجل بناء شخصية الطالب الجامعي؛ ليكون مؤهَّلاً للتعاطي مع الأفكار ومناقشة الآراء والحوار مع الآخر بكل ثقة واقتدار ومدارسة الحقوق والواجبات الفردية والمجتمعية. ولعل هذه الحلقة تكون جسر التواصل الفعلي بين الجامعات السعودية؛ لتستفيد هذه من تلك، ومن ثم تتعزز الإيجابيات وتعالج السلبيات بمنهجية علمية رصينة.
إن مثل هذه المناسبات العلمية التي تُعلن بين الفينة والأخرى حقها الإشادة والإطراء، وحق القائمين عليها والمنظمين لها وراعيها والمشاركين فيها الشكر والتقدير والدعاء.
وتقبلوا جميعاً صادق الود. وإلى لقاء. والسلام.