يعتبر النظام التعليمي الفنلندي أفضل الأنظمة التعليمية اليوم، بدليل سيطرة طلابه لسنوات على أفضل النتائج العالمية، لاحظوا أن الطلاب الفنلنديين قبل سن الثامنة عشرة لا يخضعون لأي اختبارات إجبارية رسمية، بل إن اختبارات الطلاب لا تصحح وتستخدم فقط لغرض تحسين عملية التعلُّم ومعالجة أخطائها، النظام الفنلندي يمنح ثقته المطلقة للمدرسة وللمعلمين. مسؤولو التعليم الفنلندي يعزون قوة نظامهم التعليمي إلى استفادتهم من كل النظم التعليمية العالمية المتطوّرة. نحن في المملكة قمنا بعمل مماثل، فقد أرسلنا خبراؤنا إلى معظم دول العالم المتقدم وأعدوا تقارير عن نظمها التعليمية، لكننا لم نستفد من تلك التقارير التي تملأ اليوم أرشيف وزارة التربية.
قوة النظام التعليمي الفنلندي يستمدها من اهتمامه الشديد بالمعلمين وبمهنة التعليم، تمثل ذلك الاهتمام في تحسين بيئة عمل المعلمين، وكذلك في منح المعلمين دخلاً مجزياً. في المقابل يخضع المعلمون الفنلنديون لنظام مساءلة ومحاسبة صارم . ونتيجة لاهتمام الفنلنديين بمهنة التعليم أصبح يتقدم لشغل كل وظيفة معلم خمسة من الخريجين، مما وسّع دائرة اختيار المعلمين، وفي فنلندا يشترط لدخول مهنة التعليم الحصول على درجة الماجستير. أما نحن فمشكلة تعليمنا الحقيقية تكمن في أن الطلاب الأقل طموحاً والأقل إنجازاً والذين لم يجدوا فرصاً للقبول في كليات أخرى، هم غالباً من يأتون إلى الكليات التربوية، حسّنوا من بيئة عمل المعلمين وارفعوا مستوى دخلهم وطوّروا برامج تدريبهم، وسوف ترون طلاباً متميزين يتقدمون للكليات التربوية، وهذا بالضبط ما عملته فنلندا.
(*) أستاذ المناهج بجامعة الملك سعود