بلغت تكلفة مبنى المدرسة الرابعة والعشرين للبنات الواقعة بحي الشفا في الرياض ثلاثة وعشرين مليون ريال، (وتستاهلها بناتنا) ولكن وزارة التربية والتعليم اضطرت لإخلائه بعد أقل من سنة ونصف من استلامها للمبنى بناء على توصيات وملاحظات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، التي فحصت المبنى ورأت هبوطاً وتشققات في غالب أجزائه، وشاهدت تسرباً للمياه لم يُعرف مصدره، كما لاحظتْ أخطاء في تمديدات الكهرباء أدت إلى حدوث تماس كهربائي مما تطلب الاستعانة بالدفاع المدني الذي أوصى بإخلاء مبنى المدرسة لما يشكله من خطورة على المعلمات والطالبات، فضلاً عن افتقار المقر لعوامل السلامة ولوحات إرشادية لمخارج الطوارئ! وحين قامت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بفحص وضع مبنى المدرسة على الطبيعة بواسطة مهندسيها لتحديد ما يعانيه المبنى من مشكلات؛ طالبت الوزارة بسرعة إخلائه.
وقد تم نقل طالبات المدرسة ومعلماتها إلى موقع آخر، ولم تهنأ صغيراتنا ومعلماتهن بهذا المبنى الضخم، إلا أنهن ضمنَّ سلامتهن من خطورته!!
والمؤسف أن المدرسة أنشئت على يد مؤسستين وطنيتين بالتضامن فيما بينهما، وتم استلام المبنى من لدن وكالة الوزارة للشؤون الهندسية التي لم تبد أية ملاحظات! وغالباً ما يكون الاستلام شكلياً! ولم تخشَ تلك الشركات من المسؤولين، ولم ينبض ضميرها بالإحساس الإنساني والوطني حين تُسلِّم مبنى للأطفال بهذه الصورة من العيوب، وذلك الشكل من الخراب؛ حتى ليصل الفساد إلى حد إزهاق أرواح الأطفال وقتل المعلمات!!
إن حرص وزارة التربية والتعليم على إحلال المباني الحكومية محل المستأجرة واستعجالها في ذلك لا يعفيها إطلاقاً من الكشف على المباني ومتابعة إنشائها، فهي تضم فلذات أكبادنا، وغالباً هم أطفال أو قاصرون لا يدركون ما يحيط بهم من خطر، فضلاً عن توقع الأمانة بالمسؤولين واستشعارهم المسؤولية!
ولم تكتفِ الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بالأمر بإخلاء المبنى؛ ولكنها طلبت من الوزارة التحقيق في أسباب حصول العيوب وتحديد المسؤولية في سوء التنفيذ والاستلام الابتدائي للمبنى وهو بهذه الحالة الخطيرة.
والحق أن هذا الإجراء والسرعة باتخاذ القرار تشكر عليه هيئة المكافحة ولاسيما وهي تخطو خطواتها الأولى في إثبات جديتها وإظهار حرصها على حياة الناس، وهو ما نرتئيه منها وما يتطلع له المواطنون في ظل عصف رياح الفساد في جنبات بلادنا الحبيبة. وهي هنا تحقق تخطيط القيادة وهاجسها في نزع مخالب الفساد الإداري والمالي.
ولعلي حين أشيد بخطوات الهيئة وتصفق لها قلوبنا؛ لأدعوها لتوعية الناس وتوجيه موظفي الحكومة، وتخويف أصحاب شركات المقاولات وغيرهم بمخاطر الفساد على التنمية بكافة أشكالها، وتأثيره على الأرواح والأموال ومناشط الحياة، وشل عجلة التطور.
فقد مللنا صمت الضعف وسكون العجز عن إبداء رفضنا لكل أشكال الفساد ونخرها في عظام التنمية، وبدأنا نتوق لسماع إيقاع طبول الحضارة تضج في ردهات بلادنا ونحن نضرب الفساد!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny