الأفكار الجديدة في متناول أيدينا، وما نحتاج إليه هو الجرأة في التجريب والاستفادة من الأخطاء ثم تطبيق ما يثبت نفعه. والجميل أننا في هذا العصر الذي توافرت فيه وسائل الاتصال والمعلومات نستطيع أن ننتفع بما لا يُحصى من الأفكار والتجارب التي نجحت في أماكن أخرى.. أي أننا لا نحتاج إلى «اختراع العجلة من جديد»، كما يقال.
يقع الإنسان في معظم الأحيان في أسر ما تعوَّد عليه من السلوك، ويميل إلى ما ألِفَهُ من الأفكار وحتى الأشخاص.. لكننا حينما نجرب الخروج إلى آفاق جديدة مختلفة نكتشف كم كنا أسرى لعاداتنا اليومية التي تحجب عن أنظارنا فرصاً وإمكانيات كثيرة للتطور.
ينطبق هذا على الأشخاص وينطبق على المجموعات والمنظمات التي تسودها ثقافات معينة هي من صنع البشر ومن صنع الظروف.. فيكون التحدي هو كيف نستطيع «الخروج من الصندوق» حسب التعبير الذي أصبح دارجاً.. كيف نكسر القيد الذي كبلنا به أنفسنا فنتمتع بحرية الاختيار وننطلق نحو الآفاق الرحبة.
قرأت مؤخراً ما نشرته الصحافة عن الأفكار الجديدة التي تنوي وزارة العدل تبنيها لتحسين أداء القطاعات التي تشرف عليها أو ترتبط بها، ومن ذلك المحاكم الشرعية وكتابات العدل. وفي ملتقى «القضايا الأسرية بالمحاكم الشرعية» أوضح وزير العدل الدكتور محمد العيسى بعض هذه الأفكار التي من المتوقع أن ترتقي بأداء الجهات التابعة للوزارة.
من هذه الأفكار، على سبيل المثال، فكرة «صندوق النفقة» وهو مشروع تتبناه الوزارة لمعالجة المشكلة المزمنة المتمثلة في عدم حصول بعض الأشخاص على نفقة من ذويهم رغم صدور أحكام لصالحهم وذلك بسبب امتناع من تصدر الأحكام ضدهم عن تنفيذها مما يوقع مستحقي النفقة في معاناة مؤلمة على مدى سنوات قد تطول كثيراً.
يقول وزير العدل: «لدينا مشروع كبير يتعلق بوضع صندوق للنفقة، فعندما يُحكم لطرف في قضية بالنفقة فإن المحكوم له يأخذ النفقة من الصندوق الذي يتابع المحكوم عليه، وبالتالي فإن من يتأخر في النفقة يكون خصمه الصندوق».
هناك أيضا أفكارٌ اخرى تتعلق بمشروع «الوساطة والتوفيق» الذي من المتوقع أن يسهم في حل الكثير من الخلافات الأسرية ويجمع شمل هذه الأسر من جديد.. وقد أوضح الوزير أن القضايا الأسرية في بعض المحاكم وصلت إلى 60 بالمائة من القضايا.. ولنا أن نتخيل مدى الانفراج الذي سيحدث في المحاكم لو أتيحت لهذا المشروع فرصة التطبيق والنجاح! لكن هذا المشروع لازال تحت الدراسة لدى «الدوائر التنظيمية» حسب تصريح الوزير.. ونحن نعرف أن «الدوائر التنظيمية» قد «تقتل» المشروعات والأنظمة دراسةً وبحثاً على مدى سنوات إلى أن ترى النور.. ولهذا نضم صوتنا إلى صوت الوزير الذي عبَّر عن أمله أن يصدر المشروع قريباً.
أفكار كثيرة مفيدة يمكن أن ترى النور وتقلب السائد إلى ما هو أفضل سواء في وزارة العدل او في غيرها.. بل وحتى في حياتنا الشخصية كأفراد.. لكننا نحتاج فقط إلى جرأة التجريب والانطلاق..!
alhumaid3@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض