سألت مصدرا اقتصاديا كبيرا عما آلت إليه الإستراتيجية الوطنية للصناعة التي تم اعتمادها قبل نحو ثلاث سنوات وكانت تستهدف تحقيق نقلة نوعية للصناعة بحلول 2020، وتفاجأت بقوله إن الإستراتيجية تحتاج لكثير من التعديل وربما تعاد بكاملها من جديد!!.
** يبدو من أسباب إعادة الإستراتيجية هو ما تضمنته من مبالغات، حيث تضمنت أنها سترفع مساهمة الصناعة في الناتج المحلي من 11% حاليا إلى 20% بحلول عام 2020 رغم أن مساهمة القطاع لم تتجاوز على مدى أربعين عاما 11%، فكيف يتم تحقيق نفس النسبة بعشر سنوات؟ كما تضمنت زيادة حصة الصادرات الصناعية من مستواها الحالي (18%) إلى حوالي 35%، وزيادة الصادرات ذات القاعدة التقنية من مستواها الحالي (30%) إلى 60%، وهي أيضا أرقام يبدو أنها مبالغ بها في نفس الفترة.
** من الواضح أن تنفيذ الإستراتيجية ليس سهلا، وربما أنها لم تكن قابلة للتطبيق على أرض الواقع في كثير من بنودها، وهذا يقودنا إلى تساؤلات عدة عن الكيفية التي يتم فيها إعداد الإستراتيجيات، والجهات المتخصصة التي تشارك بإعدادها، والمسئولين الذين يعتمدونها في الجهات التنفيذية قبل رفعها إلى الجهات العليا، وقبل هذا، المعايير التي يتم فيها اختيار بيوت الخبرة التي تعد الإستراتيجية والمبالغ المرصودة لتلك البيوت سواء كانت سعودية أو أجنبية.
** وأتمنى ألا يكون صحيحا ما ذكرته بعض المصادر من أن هذه الإستراتيجية عمل على إنجازها 8 شركات عالمية وبلغت كلفتها نحو 100 مليون ريال وأنجزت خلال 20 ألف يوم عمل، فإن كان ذلك صحيحا فمن المحزن أن توضع هذه الإستراتيجية على الرف مثلها مثل عشرات الإستراتيجيات التي سمعنا عنها ثم تلاشت واختفت وطمرتها الأتربة على أرفف النسيان، دون محاسبة المتسبب في ذلك.
** أعتقد أن معظم إستراتيجياتنا بحاجة لإستراتيجية تقييم منصفة وشفافة، وهي أيضا بحاجة لإيجاد آلية محاسبة عادلة، وربما أن الكرم في منح إعداد تلك الإستراتيجيات لبعض مراكز الدراسات يستلزم أن يكون تحت المجهر أكثر من أي وقت مضى، لكي لا نفاجأ أن كل خططنا وإستراتيجياتنا على الرف.