إنّ المتأمّل في سياسة إيران يرى أنها قد جعلت من نفسها الوصي الحاكم والولي الفقيه في المنطقة، من خلال التباكي على قضاياه وإظهار التألُّم لأحواله وظروفه، وخصوصاً الأحداث في سوريا رغم وضوح معالمها، وهذا التدخل هو في حقيقته لا يعدو أن يكون من باب التشويش وإثارة الزعزعة والفتنة الطائفية، وتأجيج الصراع في أقاليمها وبين مواطنيها - ولا ننسى تلويحها من قبل بأنّ مملكة البحرين محافظة إيرانية -!! والجامع المشترك لكل ما يحدث في هذه المناطق من صراعات واضطرابات، هو أنّ إيران بحكم الإيديولوجية التي تنتهجها والفكر الذي تعتقده، ترى من نفسها أنها شرطي المنطقة، وأنّ لها الحق أن تتدخل متى شاءت وكيف شاءت، كل هذا من أجل تأجيج هذه النعرة الطائفية وترسيخ هذه الأيديولوجية على وحدة وسيادة ووطنية تلك المناطق والدول. حذّرت مراكز للدراسات والبحوث الإستراتيجية من خطورة الفكر التوسعي الإيراني على أمن المنطقة واستقرارها، من خلال افتعال التوترات والإشكاليات وإشعال الحرائق في بؤر إقليمية لتحقيق الأهداف المشبوهة لبعض تيارات الداخل الإيراني.
إنّ الصور والمشاهد المتتالية للتدخلات الإيرانية في شئون دول الجوار ودول المنطقة، أصبح شيئاً مستفزاً لأقصى درجة باستمرار عنصر القلق والتدخل في شؤون دول الجوار. ولقد عانت دول الخليج وتعاني من ذلك سابقاً ولاحقاً، وتؤكد مراكز البحث والدراسات الإستراتيجية، أنّ إيران تقوم بدور توسعي لا يأخذ في الاعتبار مصالح دول المنطقة ولا شعوبها، بل يحاول الاتكاء على مكتسبات دول المنطقة والهيمنة على مقدراتها (كل هذا التدخل السافر المبني على عدم احترام القوانين الدولية والمواثيق والمعاهدات أو حتى أي اعتبار للأخوة وحسن الجوار، تستهدف ترجمة بنود هذا المشروع إلى واقع عملي، أو على الأقل إيجاد الثغرات والمنافذ التي تتيح تحقيق الأهداف الإستراتيجية الإيرانية مستقبلاً، وأخطر ما في ذلك كله هو اللعب على وتر الطائفية ومحاولة التدخل في شؤون دول المنطقة من خلال العامل الديني)، إنها رؤية إستراتيجية مبنية على أيدلوجيات موروثة ومشاريع عملية.. ومع ذلك كله فإيران ذات السيادة والوحدة لا ولن ترضى لأحد كائن من كان أن يتطاول على سيادتها ووحدتها، مع علمها بأنّ وحدتها ممزوجة بأيدلوجيات وعرقيات مختلفة، وربما أنها مهضومة الحقوق مسلوبة الإرادة مفتقرة للإصلاحات.
إنّ إيران من خلال تصاريحها وتدخلاتها في سيادة الدول ووحدة مواطنيه لتلعب بالنار شعرت بذلك أم لم تشعر، ومن كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة. وأصحاب الدار أولى بدارهم..
Saad.alfayyadh@hotmail.com