منذ أن اندلعت الأزمة السورية وثورة شعبها ضد حكومته واستمرار الأزمة على مدار أكثر من عشرة أشهر لم يظهر بصيص أمل للحل وذلك بسبب تعنّت القيادة السورية وعدم إنصاتها للحلول العربية أو الحلول الدولية ووقوف روسيا والصين ضد أي قرار دولي يتصدى لهذه الأزمة ويوقف مذابح وقتل الشعب السوري ولو نظرنا إلى مبررات هذا التصدي الروسي والصيني المنضوي خلف مصالح روسيا وعلاقتها التي تراهن عليها مع سوريا وبزعم آخر هو أن الحملة الغربية ومعها الدول العربية مرادها تغيير القيادة السورية بسبب مواقفها المتصدية للغرب وسياساته وعدم الالتفات لما يتعرّض له الشعب السوري من القتل اليومي دون أن يرف لهما جفن أو يتحرك لهما ضمير إزاء هذا التقتيل اليومي الذي يحدث بالعشرات والمئات، وتحاول روسيا ومعها الصين الوقوف في وجه الولايات المتحدة وإرادة الجامعة العربية التي أعطت القيادة السورية فرصة للحل وإيقاف القتل إلا أنها ماطلت ولعبت على ما توفره لها روسيا في مجلس الأمن وعامل الوقت للإمعان في تحدي الإرادة الدولية ومحاولة القضاء على الثورة بالقمع الأمني، ولو نظرنا إلى أن روسيا ليست لديها أي مصالح مع العرب الواقفين ضد سوريا؛ فهي لا تشتري بترولهم ولا تموّنهم بالسلاح فكل سلاحنا غربي فكان موقف روسيا ومعها الصين أشبه بعودة للحرب الباردة عندما كانت روسيا متمثلة في الاتحاد السوفيتي. وتحاول روسيا أن تحتفظ بموطئ قدم من خلال البحر الأبيض المتوسط وقطعها البحرية الراسية في طرطوس لأن سوريا ومعها إيران كحلف مارق قد تعتمد عليه روسيا لتحافظ على جزء من قوتها السياسية ودور قوي في مجلس الأمن، إذ أخذت روسيا عبرة من تهميشها في قرارات التدخل في ليبيا دون أن تظفر بصفقة ولو صغيرة لذا يمكننا أن نقول إن هذه بدايات عودة الحرب الباردة بين أمريكا والغرب من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى، لأن روسيا تريد استعادة دور أكبر خاصة هي الآن على أبواب انتخابات قد تستفيد مما هو قائم وما تمارسه من مد وجزر مع الغرب لتتقاسم كيكة المصالح الحالية الناتجة عن الربيع العربي وتوقّع سقوط سوريا وإيران في أحضان هذا الغرب لتكون روسيا داخل اللعبة وليست خارجها.
- شقراء