هذه صحراء الحماد مفازة مخيفة كانت يوماً ما مضرب مثل لمرابع الغزلان ولكونها نائية عن مناهل المياه وعن مضارب البادية لعدم توفر المناهل فيها وبكونها خالية من الناس بهذه الحالة.. فهي مراب للصيد وملاعب للغزلان، وقد ذكر من شاهدوها بأوقات قبل أن تنقرض أشبه ما تكون بقطعان الأغنام السائبة.. وحينما توافرت أدوات الصيد الحديث من السيارات وبنادق الصيد (التماتيك) كانت الفرصة سانحة لهواة الصيد وممارسة تلك الهواية بهذه الوسائل الفتاكة التي لا تبقي ولا تذر وإن كان للصيد بقايا إلا أنه يلتجئ للجبال والأماكن الوعرة التي تستعصي على السيارات وأصحابها الذين لا يغادرون صغيرة ولا كبيرة إلا قتلوها.
صحراء الحماد تعرف أيضاً بأنها مأوى الصقور الحرار، وفي فصل الخريف دائماً ما تكون وجهة قنص شبك الطيور الحرار وتتميز هذه الطيور الحرار بالندرة النادرة والأثمان الباهظة مما يجعل في هذا الفصل التنافس الشديد بين أصحاب هذه الهواية باقتناء أنواع من السيارات الفاخرة والتي يجب أن تكون قوية لمطاردة وملاحقة طيور الحرار بسرعة فائقة مع اقتناء بعض الأجهزة التي تساعد القناص على متابعة أي هدف من الصقور.. والكثير من هؤلاء يستثمرون هذه الهواي للمتعة والكسب المادي، حيث إن نوادر هذه الصقور تُباع بأسعار خيالية وكان أهل الهواية ما زالوا يمارسون بكل شغف ويعدون العدة لهذا الفصل بفارغ الصبر.. وكانت صحراء الحماد ممراً لهجرة الطيور في فصل الخريف بأنواعها من الشمال إلى الجنوب مما يجعل الفرصة سانحة بهذا الفصل لشبك طيور الحرار وكانت صحراء الحماد تعرف بأنها تهلكة وكان أصحاب القوافل التي تجوب المنطقة للتجارة البرية .. وكان التجار السعوديون يتحاشون المرور بها وإن كان الاتجاه القصد المطلوب إلا أن التخوّف منهم من التهلكة دائماً يأخذون بالطريق المحايد خشية وقوعهم بالتهلكة، حيث لا وجود لعلامات بالحماد ولا طريق مطروق ولا يستطيع من كان دليلاً أن يضمن العبور من هذه الصحراء إلا بكل مشقة إن قدّر له العبور.
وعد الشمال
وعد ووفاء كما هي عادته إن قال قول تم لو حال به حال. جاءت البشارة السارة لما وعد به مليكنا المحبوب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - بالأمر الكريم بإنشاء مدينة اقتصادية صناعية في أم وعال وعد الشمال هذا الاسم الجذاب والذي له جرس موسيقي خاص تعشقه الأذن، والأذن تعشق قبل العين أحياناً والذي أثلج صدور أهل الشمال، بل أثلج صدور شعب المملكة قاطبة.. تلك البشارة التي تضم بطياتها الخير الوفير وستكون إن شاء الله رافداً قوياً لمثيلاتها المدن الاقتصادية والتي تبوأت أماكنها على امتداد الوطن، فهنيئاً للوطن والمواطن بهذا الملك الصالح المصلح والذي لا يغفل عن موطئ قدم بهذه البلاد حاضرها وباديها وبحرها الذي له من لدن مليكنا العناية والرعاية التامة..
خادم الحرمين الشريفين يسعى حثيثاً ويواصل الليل بالنهار ويسابق الزمن كي يرقى ببلده إلى ما كان يصبو إليه ويحتل مكانته المرموقة التي يطمح إليها وتليق به في مصاف الأمم المتقدمة إن شاء الله وبلده بحمد الله قدوة حسنة، حيث يستمد قوته من كتاب الله وسنة رسوله ويركن إلى قاعدة عريضة من القيم والأخلاق الفاضلة والتي تنعدم عند غيرنا ويعلم الله بعلمه أن هيأ لهذا البلد الراعي الأمين ذا القلب الحنون عبد الله بن عبد العزيز - سدّد الله على الحق خطاه وأمده بالنصر والتمكين وحفظه الله ورعاه إنه على ذلك قدير وبالإجابة هو جدير، والسلام.