|
الجزيرة - الرياض :
استأنف ملتقى (نادي مكة الثقافي الأدبي)، صباح الأربعاء الماضي جلساته العلمية بجلسة أدارها الدكتور السيد عبدالله فدعق، وتضمنت أربع أوراق عمل كانت أولاها للأستاذ محمد عباس عرابي عن (ملامح الخطاب الديني من خلال الأحاديث النبوية الموجهة للشباب.. وكيفية الاستفادة منه في علاج مشكلات الشباب في عصر العولمة).. حيث عرّفت بملامح هذا الخطاب، وعرّفت بطبيعة المشكلات التي يواجهها الشباب في عصر العولمة، ومدى انتشارها وبروز مظاهرها مع التركيز على المشكلات الدينية والخلقية والفكرية والاجتماعية والسلوكية.. كما حاول هذا البحث تقديم الحل الإسلامي السليم لمشكلات الشباب وذلك بمحاولة التعرف على الأساليب التي يمكن اتباعها..
وأكّد الأستاذ عرابي أن الأحاديث النبوية من أفضل الأساليب في التعامل مع مشكلات الشباب لأنها ربانية ومتكاملة وسهلة التطبيق.
وكانت الورقة الثانية في الجلسة للدكتورة فاطمة السلمي، عن (التطرف الفكري لدى الشباب.. الدوافع والآثار والعلاج).. حيث حذّرت الباحثة من التطرف الفكري، وأثره الخطير على الشباب.. وعرّفت بأهم الدوافع التي تؤدي إلى تطرّف الشباب الفكري فيها عقائدية وفيها سياسية وغيرها.. ودعت إلى بناء استراتيجية فكرية أمنية تشارك فيها جميع مؤسسات المجتمع، وتفعيل الحوار من خلال لجان المناصحة.. ومواجهة الفكر المنحرف بفكر سليم.. والعمل على إنشاء الأندية والمؤسسات التي تستثمر أوقات الشباب بما يعود بالنفع عليهم وعلى المجمتع والوطن.
وقدمت الأستاذة مرفت عبدالجبار سعد ورقة عمل بعنوان (الشباب والتحولات الفكرية المعاصرة.. الخطاب الديني أنموذجاً).. تناولت فيها التحوّل الفكري ما بين القديم والحديث، وأنواع التحول الفكري والأسباب التي أدت إلى التحول الفكري، بيّنت بعدها أثر التحولات الفكرية سلباً وإيجاباً على الدين، الشباب، السياسة، الاقتصاد، التعامل مع الآخر.. ودعت إلى قيام المؤسسات الفكرية والتربوية والإعلامية بدورها في هذا المجال.. وإلى ضرورة الحرص على إخراج القدوات الفكرية الفاعلة..
وجاءت ورقة الدكتور عبدالرحمن نورالدين كلنتن (الموهوبون غير المخدومين..ثروة ضائعة).. لتعرض ملخصاً لجهود عدد من الباحثين عبر عقود من الزمن في رعاية الموهوبين بشكل عام وفي مكة المكرمة بشكل خاص.. حيث حقق برنامج مدارس الفلاح القسم الابتدائي نجاحاً باهراً استحق من خلاله الإشادة في مؤتمرات متخصصة في الولايات المتحدة الأمريكية..
وشهدت الجلسة الثالثة عدداً كبيراً من التعقيبات أكدت على ضرورة تطبيق التوصيات التي تتخذها الملتقيات وعلى ضرورة تطوير الخطاب الديني بما يتلاءم ومفردات وروح العصر.. وعلى أهمية قيام المؤسسات الإعلامية بدورها المنشود.. وضرورة شغل أوقات فراغ الشباب من خلال المسابقات والمسرحيات والألعاب وغيرها.. والوصول إلى الشباب في مراكز تجمعاتهم كالأسواق.
أما الجلسة الرابعة للملتقى فقد بدأت بورقة الدكتور حسن بن فهد الهويمل، عن (الشباب والخطاب الأدبي المعاصر).. دعا فيها إلى ردم الهوة بين الشباب والشيوخ، وترشيد الاحتدام بينهما.. فالجميل أن نتوقع الاختلاف ثم نألفه، والأجمل أن نحسن إدارة الاختلاف.. واعترف الدكتور الهويمل بأن الحياة بكل تشكلاتها كالنهر الجاري لا يستقر على حال، وأن الشباب من صنّاع التحول، لكن الشباب بحماسهم أكثر المختلفين وقوعاً في المحاذير.. مما يستلزم معه إضافة إلى إدراك أن التجديد إضافة ما هو بحاجة إليه، لا هدم القديم..
وكانت الورقة التالية للدكتور سعد الدين إبراهيم المصطفى بعنوان (الشباب والخطاب الأدبي المعاصر.. الإبداع الأدبي).. وعرف في بدايتها بمصطلح الإبداع والنقد، وأشار إلى أن العمل الأدبي المتواصل يعتمد على الفهم الديني للكون والحياة والإنسان.. ودعا في نهاية ورقته إلى بناء الشباب العربي المسلم على أساس مكين، مع تنمية المهارات الأدبية، وتوظيف قدراتهم، وجعلهم يتحملون المسؤولية وتحقيق معايير الجودة في العملية الإبداعية مع تعليمهم مهارات التفكير الناقد، والسعي لحل المشكلات..
وقدّم الدكتور ماهر بن مهل الرحيلي بحثاً بعنوان (مجتمع الشباب أملاً منشوداً عند الشعراء السعوديين.. دراسة في المضمون الأدبي والأداء الفني)، تناول فيه أكثر من مائتي بيت شعر لشعراء سعوديين، تبين له من خلالها أن الصور الفنية في وصف مجتمع الشباب صور إيجابية، وكان بعضها عميقاً، إلا أن أغلبها كان سهلاً ومكروراً.. وقد سيطر على الكثير منها الحكمة..
ومع ملاحظة الباحث خفوت صوت الشعر في خطاب الشباب، حتى أن دواوين بعض الشعراء الكبار خلت من الاهتمام بالشباب ومخاطبتهم، دعا الدكتور الرحيلي الشعراء إلى أهمية التواصل مع مجتمع الشباب مراعياً النفوس والمقام.. واختتمت الجلسة الرابعة بعدد من التعقيبات، التي دعت إلى اهتمام الأدب بالشباب، وتنظيم لقاءات حوارية بين الشيوخ والشباب حول القضايا الخلافية، والعناية بتنمية المواهب الواعدة في مختلف المجالات، بتنظيم دورات، وورش عمل ولقاءات.
وفي الجلسة الخامسة شارك اثنان من الباحثين، كان الأول الأستاذ ناصر سليم محمد علي الحميدي الذي تحدث عن دور المؤسسات التربوية ووسائل الإعلام في وقاية الشباب من أخطار الإنترنت وكان مما أوصى به الباحث لحماية الشباب من الإنترنت تزويد الشباب بالقيم الإسلامية وغرسها في نفوسهم، والقضاء على البطالة وتوفير فرص العمل للشباب، وتحقيق المزيد من التواصل مع الشباب، وتوسيع دائرة الحوار معهم، والاعتناء بالبناء الجسمي والعلمي والفكري بالشباب، وتنمية ودعم انتماء الشباب لمجتمعهم ووطنهم بوسائل مختلفة مع قيام وسائل الإعلام بدورها في وقاية الشباب من الإنترنت، وضرورة التكامل بين المؤسسات الإعلامية والتعليمية والاجتماعية. وكانت الورقة الثانية في الجلسة الخامسة عن (الإعلام والشباب بين اختراق القيم وتأسيس الوعي) للدكتور صالح عبدالعزيز المحمود، الذي انتقد وسائل الإعلام وبخاصة المرئية، لعدم اهتمامها بالشباب، حيث ينحصر هذا الاهتمام بالترفيه التافه. ودعا إلى استخدام السلطة السياسية والاجتماعية لإجبار القنوات الفضائية الخاصة على الاهتمام بالشباب، وعدم اللهاث وراء الربحية وطمس الهوية العربية، واختراق القيم ببرامج استسلم لها وعي الشباب..
ورأى الدكتور المحمود أن السلطة الدينية الإسلامية لا تقوم بدور حقيقي، وأن الخطاب الديني وعظي، يتجافى عن الشباب واهتماماتهم، ويعاني من عدم مواكبة تقنيات الإعلام..
وتضمنت تعقيبات الحاضرين في الجلسة الخامسة، التي أدارها الدكتور أسامة غازي مدني، عدة أفكار وطروحات، دعت إلى الاهتمام بإيجابيات الإنترنت، واستخدامه وسيلة للدعوة وزرع القيم، مع تعليم الشباب في الحوار، وتشجيع الشباب على المبادرة، واستحسان ما يقدمونه من إيجابيات، وألا نكتفي بالنقد.. مختتماً بأن العلاقة مع الشباب علاقة تقاطعية لا تكاملية.
واختتمت الجلسات العلمية بالجلسة السادسة، التي أدارها رئيس نادي الباحة الأستاذ حسن محمد حسن الزهراني، بمشاركتين أولاها للدكتور صلاح حسنين، والثانية للأستاذ نايف كريري..
وكانت ورقة الدكتور حسنين عن الشباب والأدب، وقدّم نموذجاً على ذلك (قصة نافذة خشبية مفتوحة لحاتم حافظ), بعد أن أكد أن الشباب هم الجزء الفاعل في المجتمع فهم الذين يُسند إليهم نشاطات بناء المجتمع اجتماعياً واقتصادياً، ومن ثم فهم يمثلون متن المجتمع وليس هامشه.
وحملت ورقة الأستاذ نايف إبراهيم كريري عنوان (شباب الإعلام الجديد.. وآفاق الثقافة)..
وقد أبانت الورقة مقدرة الشباب على التأثير بشكل فاعل في المجتمع، وذلك من خلال تعاطيهم المتمكن مع الإعلام الجديد (الإنترنت)، بل إنهم قدموا من خلال هذا التأثير تصوراتهم الخاصة ورؤيتهم للأشياء وتصورهم للواقع وتأثيرهم في المستقبل، وذك انطلاقاً من قوة هذا الإعلام الذي قد يصل إلى نقاط أبعد في المجتمع التي كان يصلها الإعلام التقليدي..
واختتمت الجلسة بعدد من التعقيبات دعت إلى استخدام الإعلام الجديد بفعالية من الشباب وإلى الشباب، كما دعت إلى إنشاء وزارة للشباب نظراً للعدد الكبير الذي تمثله هذه الشريحة في المجتمع.
عقب الجلسة السادسة وبحضور معالي الدكتور سهيل قاضي رئيس مجلس إدارة نادي مكة الثقافي الأدبي السابق, وسعادة الأستاذ عبدالله الكناني مدير الأندية الثقافية تم قراءة نص بيان نادي مكة الثقافي الأدبي الرابع.
حمداً لله على ما أنعم ويسر بإتمام أعمال الملتقى الثقافي الرابع وموضوعه (الشباب.. بين المتن والهامش) الذي أقامه ونظمه نادي مكة الثقافي الأدبي في الفترة من 25 -26-5-1433هـ بالعاصمة المقدسة. تحت رعاية معالي الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجه وزير الثقافة والإعلام.
وقد ناقش الملتقى أعماله المقدمة في 18 بحثاً قرأت ما يهم الشباب في محاور الملتقى الخمسة:
المحور الأول: الشباب في الخطاب التاريخي.
- على المستوى الديني والأدبي والاجتماعي.
المحور الثاني: الشباب في الخطاب الاجتماعي المعاصر.
- الشباب والحوار.
- الشباب والمسؤولية.
- القيم والاتجاهات.
- المشاركة في التخطيط والإعداد والتنفيذ.
المحور الثالث: الشباب والتحولات الفكرية المعاصرة.
- الخطاب الديني والسياسي والاقتصادي.
- الأنا والآخر.
المحور الرابع: الشباب والخطاب الأدبي المعاصر.
- في مجالات الإبداع والنقد والمنابر والمؤسسات الثقافية.
المحور الخامس: الشباب والإعلام المعاصر.
- وسائل الاتصال التقليدية.
- وسائط التواصل الحديثة.
- المؤسسات الإعلامية.
- التنمية الثقافية.
- وقد أثارت جلسات الملتقى الست كثيراً من الأسئلة والمداخلات والتعليقات التي كشفت عن أهمية قضايا الشباب, وأوحت باتخاذ التوصيات الآتية:
1. توثيق علاقة الشباب بأصولهم الدينية, والوطنية، والاجتماعية, والعمل على زيادة وعيهم بأهمية تحولات الحاضر، وتوقعات المستقبل.
2. احتضان الرؤية الشبابية للحياة لا لاحتوائها، ولكن لتقديرها وتطويرها, ودعم المنتج الشبابي المعبر عن روح العصر.
3. تبني الأداء الموهوب لدى الشباب, وتهيئة فضاء المشترك الحضاري للوصول إلى العالمية.
4. إشاعة ثقافة الحوار والتفكير المبني على الحرية والاختيار.
5. إذكاء الروح الإعلامية المعتدلة التي تتواءم مع احتياجات الشباب.