القارئ الكريم.. سأحدثك في هذا المقال عن المكان الأسطورة.. جبال أجا وسلمى، مضارب حاتم الطائي، قلاع التراث، الطبيعة والإنسان، نعم إنسان حائل الذي ارتدى بردة حاتمها، رمزها المعروف بالكرم فتمثل في كل فرد من أبناء هذه المنطقة.

حضرت الثقافة آنسة في أحضان حائل، صدح الشعراء وتمثل الشعر ماردا حيث رافق إلقاءه تغريد السماء في أيام ماطرة حملت معها الخير وأرادت هي الأخرى أن تكون جزءاً من الحكاية والكرم الحائلي ففاض الغيم بالخير واكتست الشعاب بالمطر فأضحت الأرض مرايا لسماء مطرزة بالغيم وألوان قزحية.

كان ملتقى حاتم الطائي الذي أقامه نادي حائل الأدبي الثقافي وسيلة للاعتزاز بالمكان واستحضار التاريخ واستقطاب المبدعين والضيوف من أقطار شتى، كان فرصة للتعريف بتراث المنطقة ورموزها وثقافتها وبأهلها الكرماء الطيبين.

تعانقت الثقافة بالفكر حين خصصت الجامعة قاعاتها للمحاضرات والندوات، وتعانق الشعر مع التاريخ حين غرد الشعراء في جبة وتوارن والموقدة والحفير وقنا.

وتعانق الإنسان مع الإنسان في مشهد رائع ومعبر حين استقبل أهل تلك الأماكن ضيوفهم بالقهوة الحائلية والتمر، وببعض طقوس المكان حيث الإبل تحمل هجانيها الذين قدموا بأهازيجهم وأناشيدهم الموروثة يرحبون بالضيف وعلى جانبي الطريق جموع من الأطفال ينشدون ويلوحون للقادمين ويشيرون لموائد الفاكهة وبيوت الشعر التي خصصت لاستقبال الضيوف ومواقد الجمر والخشب التي أنارت بديلا عن انقطاع الكهرباء في مساء عاصف أراد أن يحظى المكان بروح أصحابه فأوفد نار حاتم وتراقصت حولها ذرات الهواء وشرارات نار متطايرة.

للتراث حكاية.. للشعر سحر.. لحائل خصوصية تتجلى في تفاصيل المكان وبساطة الإنسان فأهلا بأجنحة الثقافة والإبداع حين تحلق بأهلها في فضاءات تشرق بأنوارهم وتعبق بعطرهم وتصدح بتغريدهم.

في حائل تلاقت الجسور بين الجهة الحكومية المنظمة للملتقى والأفراد الذين تجلى حسهم الوطني واحتفائهم بالثقافة والمنطقة للمساندة والرعاية المادية حيث الداعم الرئيسي الشيخ علي الجميعة.

من أهالي العردان أيضاً من احتفى بالزائرات في استراحاتهم أثناء الجولات بالمنطقة وقد مثلت صغيراتهم لوحات لا تنسى من الأناشيد وعبارات الترحاب.

تحول أهل حائل إلى دليل سياحي وقد سبق مرافقتي الزميل علي العريفي في إحدى الزيارات للمنطقة قبل أعوام أن عرفت منه تاريخ الأمكنة وحكايتها والتي أبدع عبر برنامجه التلفزيوني أن نقلها للمشاهد مع مخرج مبدع كفهد العفنان متحفزا للعمل والإبداع.

حائل العظيمة، سلام إليك وإلى شجعانك الكرام وثقافتك الضاربة عميقاً تتجلى في كل نسمة هواء وذرة تراب ومعلمٍ تاريخي.. ولا غرابة وأنت في رعاية أميرك المثقف سعود بن عبدالمحسن حفيد عبدالعزيز (طيب الله ثراه) الذي سبق وأتحفني فكره في لقاء تلفزيوني أجريته معه أثناء الحوار الوطني الذي احتضنته حائل.

عزيزي القارئ.. للكلمات أن ترسم لك تغريدة الشعر والمطر بين جبال أجا وسلمى ومضارب الطائي.