قد يرى البعض أن مجرد تعليق الدراسة ليوم أو عدة أيام بسبب هطول الأمطار أو الغبار موضوع لا يستحق الإثارة عبر وسائل الإعلام, فلوزارة التربية والتعليم الحق في إيقاف الدراسة وتعليقها, ولها الحق في التقدير, وهو تقدير في كل الأحوال لا يخضع لمعايير ثابتة إذ تأتي القرارات متفاوتة, والإجازات حسب أمزجة المسؤولين, وترجح الأصوات العالية كفتها لانتزاع القرار, وصارت إدارات التربية والتعليم تتبارى فيما بينها, وأيها أشطر وأكرم في منح الإجازات دون نظر لتأثير قرارات التعليق على برامج الطلاب الدراسية, وبلا نظرة لمستقبل أجيالنا وأن منح الإجازات بهذا السخاء المفرط ستكون له نتائج سلبية على المدى البعيد, فالطلاب لا يحبون المدارس ولا الدراسة «خلقة» وأثقل أيامهم يوم السبت, وغيابهم في هذا اليوم بالكوم, ويكثر الغياب في بدايات الدراسة, وفي الأيام الأخيرة قبل الإجازات حتى إذا جاء اليوم الأخير شهدت المدارس غياباً كاملاً, والطلاب على أثر المنح المستمر للإجازات باتوا أكثر شراهة للمزيد منها بل أنهم وظفوا التقنية الحديثة لمتابعة الأحوال الجوية والجديد من أخبار الغبار والأمطار, وفعلوا شبكات التواصل عبر أجهزة البلاك بيري التي لا تخلو منها أيدي المراهقين والأطفال في المتابعة المستمرة لقرارات تعليق الدراسة, وتحول العام الدراسي إلى عام لا تخلو أسابيعه من الإجازات والتعليق, ولن أعدد أيام الإجازات التي تمتع فيها طلابنا وخاصة هذا العام ففي هذا الأسبوع وتحديدا يوم الثلاثاء الماضي كادت الدراسة أن تعلق في الرياض بسبب الأمطار المتوسطة لولا تدخل أهل الخير والحريصين على مصالح الطلاب والمحاربين للفوضى والاستهتار والتسيب لكن الدراسة علقت رغم ذلك في محافظات الدوادمي وحوطة بني تميم والحريق ومحافظة الخرج جنوب العاصمة الرياض بحجة أن الأمطار غزيرة جداً وأن السبل قد تقطعت بالطلاب والطالبات وحالت دون وصولهم لمدارسهم.
تسقط نقطة مطر.. أو تحمل الرياح روائح الغبار فيثار السؤال الذي عودنا أبناؤنا وبناتنا على طرحه أكثر من طرحهم لأسئلة مفيدة في صلب الموضوعات الدراسية هل ستعلق الدراسة؟.. «ومن يبشرني ويبشر بالبشارة», وينتظر الجميع أخبار التعليق وإذا لم تأت البشائر بالأخبار السارة فمثل ما يقول الطلاب «غايبين.. غايبين الله لا يعوق بشر».. لأنهم عودوا على الغياب لأتفه الأسباب ولم يغرس فيهم الانضباط والاهتمام وتحمل المسؤولية والحرص على الذهاب للمدارس حتى في أحلك الظروف وأقساها, وقرارات التعليق المتواصلة حرضت التلاميذ على طلب المزيد فهل اللجوء لتعليق الدراسة هروب من سوء الأحوال المدرسية وضعف البني التحتية وتهالك المباني, أم بسبب أسقف وشبابيك المدارس التي أصبحت كالمناخل لا تمسك مطراً ولا تصد غباراً, أم أن وسائل الأمن والسلامة والإسعافات الأولية لا توفر للمدارس؟.. أم أن العيب في الطرق المؤدية للمدارس وسوء التنسيق بين وزارة التربية والتعليم ووزارة النقل ووزارة الشئون البلدية لردم الحفر ومجاري السيول في الطرق المؤدية للمدارس, وتفعيل دور وزارة الصحة لتأمين العلاجات اللازمة؟.
في معظم دول العالم لا تعلق الدراسة بسبب الأمطار ولا الغبار، بل تتخذ التدابير التي تحد من الأضرار لأنهم رأوا أن التعليق ليس حلاً فلو استمرت الأمطار أو تواصل الغبار لأيام أو أسابيع، فهل تقفل المدارس ويتضرر الطلاب؟.. التعليق قرار عاجز ينتظر أن ينفض عنه غبار التواكل والكسل فيصلح العيوب ويجعل المدارس مهيأة لاستقبال طلابها في كل الظروف.
shlash2010@hotmail.comتويتر abdulrahman_15