خلال مرافقتي لضيفة الجمعية السعودية للمحافظة على التراث (جوي هيلدن)* كان لي شرف زيارة عدد من الجمعيات الخيرية النسائية التي تُعنى بالمرأة، أو ما يسمى (برامج الأسر المنتجة)، كما تُعنى أيضاً من خلال هذه البرامج بالحفاظ على موروثنا الحضاري المتمثل في الحِرَف والصناعات التقليدية، التي كانت قبل أقل من قرن المتنفس الوحيد للفنون البصرية في معظم مناطق المملكة.
وتتفاوت تلك الجمعيات في نوع الخدمة التي تقدمها لتلك الأسر أو (النساء) من حيث التدريب والموقع والتسويق.. الخ، لكنها بكل تأكيد بادرة جيدة ومهمة في ظل هذا التحول المدني السريع في مجتمعنا، خشية من ضياع هذا الموروث من ناحية، كما أنها من ناحية أخرى دعم للمرأة على جه الخصوص في إيجاد منافذ للعمل ودخل (محدود) لتلك الأسر، وخصوصاً في الأحوال التي تكون فيها المرأة مطلَّقة أو أرملة أو من دون عائل.
وقد أُعجبتُ كثيراً بنموذج جمعية (حرفة) التي تمتاز بالمهنية ومحاولات جادة للظهور بمنتج يتسم بالجودة وقابل للتسويق، والأهم من ذلك كله أنها تعتمد بالفعل على أيدٍ سعودية في جميع منتجاتها، وهو الهدف الأسمى من مثل هذه المؤسسات أو المشاريع أو البرامج التي يجب أن تلقى دعماً من مؤسسات القطاعين العام والخاص.. وأكرر هنا أن أهميتها لا تتمثل في دورها في الحفاظ على موروثنا فحسب، وإنما في دعمها المرأة وإيجاد مصدر يعليها ويجعلها تعتمد على نفسها.
ولكن لأن النقد يساهم في تطور أي منجز لا يمكن أن نغفل أكبر مشكلة تواجهها معظم تلك المنتجات المحلية، ألا وهي جودة وصورة المنتج النهائية، أو ما نسميه بـ(الإخراج)، التي نواجهها في فنوننا المعاصرة أيضاً في معظم الأحيان، وربما جودة المنتج في صورته النهائية هي العائق الأكبر أمام توسيع مبيعات مثل هذه القطع أو المنتجات الحرفية أو تلك القطع المعاصرة على صورة أو باستخدام منتجات حرفية، مع أن من أهم الأحاديث التي تعلمناها منذ الصغر قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه».
باحثة أمريكية مؤلفة كتاب (السدوز النسيج البدوي في المملكة العربية السعودية والدول المجاورة)
msenan@yahoo.comtwitter @Maha_alSenan