عاد نظام بشار الأسد إلى ممارسة نفس اللعبة التي لعبها مع بعثة المراقبين العرب والتي أدت إلى إفشالها بعد أن أملى على رئيسها الفريق الدابي ما سطره في تقريره الذي ساوى بين الجلاد والضحية وتنكرت فقراته إلى الدم السوري مما عجل في إنهاء مهمة المراقبين العرب بعد أن تحولوا إلى شهداء زور..!
اليوم يتكرر الموقف مع بعثة المراقبين الدوليين، إذ بدأ مسؤولو وزارة الخارجية السورية جر كوفي عنان وفريقه الدولي من طليعة المراقبين الدوليين الست إلى حلقة (التفاهم) حول التفاصيل وهو أسلوب اعتاد النظام السوري على سلوكه لتمييع جوهر القضية بالإغراق في بحث التفاصيل، والهدف هو إلزام المراقبين الدوليين بالشروط التي يضعها النظام لتحركاتهم من خلال ما يسمى بـ(بروتكول عمل المراقبين).
أولى نقاط البروتكول هو ربط تحرك المراقبين بمرافقة موظفين سوريين بحجة حمايتهم وتحديد المواقع التي يزورونها.
2 - رفض استعانة المراقبين الدوليين بطوافات (مروحيات) من الاتحاد الأوروبي للمساعدة في نقل الجرحى والمصابين.
3 - الموافقة المسبقة على جنسيات المراقبين الدوليين وعدم سماح النظام السوري تواجد أي مراقب لا توافق عليه حكومة بشار الأسد.
هذه الشروط الثلاثة دفعت رئيس البعثة الدولية الجنرال الدنماركي إلى الاعتذار عن تكملة المهمة والعودة إلى بلاده لأنه تأكد من عدم استطاعة تنفيذ مهامه.
أسلوب نظام بشار الأسد في وضع العراقيل أمام بعثات المراقبة الدولية وقبلها العربية اعتاد عليه المجتمع الدولي، ولهذا فإن الجنرال الدنماركي لم يرد أن يدير مهمة محكوم عليها بالفشل المسبق بعد أن لمس عند مباحثاته مع رجال النظام السوري أسلوبهم في المراوغة وأنهم يسعون إلى إغراق البعثة في تفاصيل لا معنى لها في تركيز على الشكل والبعد عن جوهر المهمة، وهو التطبيق الأمين لنقاط مبادرة المبعوث الأممي الست.
الجنرال الدنماركي تأكد له أن أجواء العمل مع النظام السوري ليست فقط غير مريحة مع مثل هذا النظام المراوغ بل هناك خطورة على أعضاء الفريق في مثل هذه الأجواء المتشككة، ولهذا فقد أبلغ كوفي عنان استحالة تنفيذ مهمة بعثة المراقبين على الصورة التي يجب أن تتم.
وفعلاً تأكد ما توصل إليه هذا الجنرال الذي عمل في العديد من بعثات المراقبة الدولية، فمنذ يوم العاشر من نيسان - إبريل اليوم الذي يفترض أن يبدأ فيه تطبيق وقف إطلاق النار، قتل من السوريين في سلسلة من انتهاكات جيش الأسد قرابة الثلاثمائة مدني واستمر قصف المدن والأحياء مما يؤكد نظرة خبير دولي وهو الفشل الحتمي لمهمة كوفي عنان..!!
jaser@al-jazirah.com.sa