يشاع أن شركات صيانة وإنشاء غربية تستقطب أعدادًا كبيرة من العمالة الآسيوية التي أمضت في الخليج ولا سيما المملكة سنوات من العمل، والسبب حسب الرواة أن العمالة قد تلقت تدريباً مكثفاً شاملاً مجانياً في أسواقنا هنا وعلى حساب جيوبنا وأجهزتنا المنزلية وسياراتنا وغيرها، فهم هناك في الغرب يكونون في غنىً عن تدريبهم ويشغلونهم مباشرة في أعمال مناسبة في مجالات النظافة والصيانة ونحوها مما لا يحتاج إلى شهادات تدريب متخصصة، والعمال الآسيويون وجدوا عندنا المجال مفتوحاً لتلقي التدريب حسب الرغبة والميول وكلما عرف العامل أسرار مهنة سارع للمهنة التي تليها يطور نفسه ليكسب الوقت والمال لأنه يعرف أنه بعد عدة أشهر فقط منذ دخوله المملكة سيبدأ تحقيق دخل مادي جيد لم يكن يحلم به سابقاً، وهو لن يخسر شيئاً فالخاسرون نحن الذين نظن أن كل من ركب دراجة هوائية ويحمل معه شنطة (للعدة) البدائية؛ أنه مهندس متخصص سيحل كل مشاكلنا في السباكة والكهرباء والتكييف وكل ما تطلبه منه، والنتيجة أنه يتعلم ونحن نخسر أجهزتنا وأموالنا، وهو يضحك ونحن نتحسر، ثم نستغرب من هذه التحويلات المالية اليومية الكبيرة من العمالة لحساباتهم في بلادهم، وهذا أمر طبيعي إذ لا رقابة على سلوكهم العملي في بلادنا ولا على قدراتهم المهنية والفنية ولا على تخصصاتهم، ولا على تحصيلهم ودخلهم، فهم يتعلمون بنا ومنا كل شيء في المهن ثم يسلبوننا المال والجهد والوقت، فهم لا يمكن أن يتعلمون إلا بالتجارب على أجهزتنا وسياراتنا وهي التي كلفتنا غالي الثمن ويتلفون كثيراً منها أو يسرقون قطعاً وأجزاء منها ويبدلونها بأخرى رخيصة مستهلكة حتى تعود لهم لإصلاحها مرة أخرى فيكسبون من جهتين، ولم أكن أصدق ما سمعته مرارًا من أن شركات هنا تدار بما يسمى (من الباطن) تستقدم عمالة آسيوية دونية (بمقابل يدفعه العامل للشركة) ويكون الاتفاق أنه ليس هناك مرتب سوى على الورق لإتمام إجراءات الدخول فقط ، والعمال يرضون بذلك لعلمهم أنهم سيعوضون فاقد الراتب خلا أشهر قليلة بطرق مشبوهة وملتوية. وعلى غرار استحداث شركات للاستقدام ألا يمكن إنشاء شركات للصيانة والأعمال المنزلية الأخرى بدلاً من هذه المحلات البدائية المنتشرة في شوارعنا وداخل الأحياء وكلها تحمل اسم (سباك، كهربائي، تكييف، جلي بلاط) إلخ ؟..
والعمالة تعمل وتعيش وتنام وتتجمع في هذه المحلات أحياناً، وربما أستغلت لأعمال مريبة غير الصيانة، لماذا لا تنظف شوارعنا وأحياؤنا منهم، ودمج كل هذه المحلات تحت شركات مساهمة تتوزع في المدن.
فعن طريق هذه الشركات المنظمة ذات المسئولية المعلومة المحددة يمكن أن تعرف مالك وما عليك، من تحديد الخلل في الأجهزة ومعرفة القطعة المعطوبة، والسعر التقريبي لمجمل العمل، ونرتاح من هم وسرقات وفوضى هذه العمالة الزائفة التي تداهم بلادنا كالسيل الجارف وهم أسوأ عمالة على وجه الكرة الأرضية والسوء يحيطهم من كل جانب، والشركات المنظمة للصيانة لن تضم لها إلا من يملك الخبرة والمهارة النسبية وستنظم أعمالهم وشؤونهم وتكون مسئولة عنهم، وبالتالي يمكن السيطرة نسبياً على كثير من العبث الحاصل في سوق العمالة الآسيوية المنفلت.