أشرت في المقال السابق إلى المقومات الأساسية لنجاح الأنظمة التعليمية حسب ما تؤكده الدراسات المتخصصة، وكذا حسب ما تشير إليه مستخلصات الخبرة العالمية، ومدى توافر هذه المقومات في وطننا الغالي مشفوعة بالإحصاءات والأرقام التي لا تكذب ولا تتجمل وتضمنتها محاضرة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز في مناسبة الاحتفال بجائزة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد للتفوق العلمي لهذا العام.
واختتم المقال بسؤال مفاده أين المشكلة؟ إذا كانت معضلات النظم التعليمية لا وجود لها في مجتمعنا حيث نمتلك المرجعية والإرادة والإمكانات.. فأين تكمن المشكلة وما واجبنا إزائها؟
إن الواجب الوطني يفرض علينا جميعاً، بوصفنا المجتمع بأسره أطرافا للعملية التعليمية: مسئول - متخصص - معني - مهتم - مفكر - مثقف - معلم - ولي أمر - طالب - إداري وموظف - خطيب وإمام - إعلامي... أن نعي الرسالة ونتحمل المسؤولية “ونضطلع بأمانة المواطنة، معالجة للحاضر ومن أجل حماية المستقبل وحتى نضع أيدينا على موضع النزف، ونبدأ التطيب والتصويب”.
لقد حدد سموه مجموعة من المؤشرات والإجراءات والواجبات التي يتجاوز إطار محاضرة في محتفل علمي تتجاوز أطر الكلمات والتوصيات ما يجعل الورقة تتجاوز إطار المحاضرات الملقاة في المناسبات إلى إطار وثيقة من وثائق تطوير التعليم وتشخص الواقع فهي تحدد الإشكالية بشكل مباشر ودقيق وترسم الملامح الهامة في مواجهتها والتي منها على سبيل المثال:
- تجاوز السلبية والتوجسات والمخاوف والمواربة والمزايدات إلى الإيجابية الواعية والرؤى المدروسة والمقاربة بأسسها الفكرية وأطرها الوطنية الجامعة للاستحقاقات المانعة للمزايدات.
- الانتقال من مؤشرات التقويم الكمية على مختلف المستويات مثل تطور أعداد المدارس، الطلاب، وارتفاع معدلات الإنفاق ،وكثرة الحشو في المناهج والاستذكار والحفظ والتلقين إلى التثقيف وتوسيع المدارك وتنمية الملكات ومهارات التفكير والاستنتاج والتعبير عن الرأي والتفكير الحر الذي يؤسس لبناء الشخصية المستقلة والواثقة.
- الانتقال من قصور مخرجات التعليم عن مواكبة متطلبات التنمية المستدامة وتدني الإنتاجية وما يرتبط بها من عجز عن المنافسة في سوق العمل والفاقد المالي والهدر الاقتصادي إلى رفع القيمة المضافة للوطن والتجسير بين مسارات النظام التعليمي ومتطلبات الاقتصاد المعرفي وإيقاعها على مفردات الحياة العامة.
- سرعة إقامة الهيئة الوطنية للاعتماد وضمان الجودة التي سبق أن أمر بتشكيلها خادم الحرمين الشريفين أيده الله لتكون في موقع الحكم في قياس الخطوات ووضع معايير تبني المداخل العلمية في تعبئة الأفراد وحفظ الجهود وتيسير علميات التطوير بمواردها البشرية المدربة، والجداول الزمنية الملائمة للإنجاز والتأكد من الالتزام بتطبيق خطط التطوير وتقديم التغذية الراجعة للجهات المعنية ونظم المتابعة والمحاسبة.
دمتم بخير وإلى اللقاء والسلام.