كواحد من الناس مررت بمكتب العقيد على الدبيخي قائد السير في مرور الرياض وبغض النظر عن دماثة خلق الرجل وتعامله المسئول والمنصف مع كل من يلجأ إليه إلا أنه أرى بيني وبينه حديثاً كان دافعه فضولي الصحفي وأنا أتابع مشهد شوارع الرياض عبر كاميرات التصوير المرتبطة بمكتبه والتي تصور الحركة في مختلف شوارع الرياض وكشفت له عن هويتي الصحفية لأجد مبرراً لطرح أسئلتي عليه لكنه بادرني بالعتب على أجهزة الإعلام عتب من يعمل في مواجهة كل من في الشارع بمختلف الأعمار والجنسيات والثقافات. قال إن أجهزة الإعلام ابتعدت كثيراً عن الرسالة التوعوية وإن البعض لا ينظر إلا إلى النصف الفارغ من الكأس مع تسليمه بأن من يعمل يخطئ وأن البشر من طبعهم الخطأ مبدياً شكره لكل من أشار إلى مكامن القصور بهدف التنبيه لوجودها والدعوة لمعالجتها وليس من باب التشهير والتهويل وطمس كل الإيجابيات بجانب سلبية واحدة قد توجد.
الأمر الذي لفت نظري هو اختلاف سلوكيات السائقين من إشارة يوجد بها أجهزة ساهر وإشارة لم يركب بها ساهر بعد في الأولى تراهم منضبطون تماماً يقفون خلف الخطوط المحددة ولا يقطعون الإشارة وتكاد الأخطاء تكون معدومة، بينما في الأخرى تجد العجب العجاب أناساً متقدمين على الإشارة وآخرين يستمرون في السير رغم أن الإشارة أصبحت حمراء وهذا ينجرف من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار والعكس وهنا تتساءل: هل البشر الذين كانوا في الإشارة الأولى هم نفس البشر الذين تراهم في الإشارة الثانية أم أنه نزل بهم ما غيَّر أخلاقهم في المسافة الفاصلة بين الإشارتين ولا تدري كمراقب لهذا المشهد ما ذا تقول سوى أن تستشهد بقول جبران خليل جبران:
الخير في الناس مصنوع إذا جبروا
والشر في الناس موجود وإن قبروا
بقي أن أقول إن شبكة التقنية الحديثة لإدارة المرور في مراقبة الطرقات تُدار من قبل أيد سعودية وبمنتهى الكفاءة وبقيت إشارة أيضاً إلى أن ما تم تركيبه من أجهزة ساهر في مدينة الرياض لم يتجاوز بعد10% لكن النتائج إيجابية جداً والفارق كبير إذا أخذنا بمبدأ النسبة والتناسب، فالعشرة بالمائة أجهزة يقابلها انخفاض ما يزيد على الـ30% من الحوادث، وهكذا ومن هنا أضم صوتي إلى صوت العقيد علي الدبيخي مطالباً بمزيد من التوعية بأخلاق السير من باب التذكير ولو للشباب حتى لا يبقى عرضة للوقوع تحت طائلة المخالفة لا كل من صم أذنيه عن سماع أي نصحية.