ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 15/04/2012/2012 Issue 14444

 14444 الأحد 23 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في حياة كل أحد امرأة، أم حنون، وزوجة رؤوم، أخت عزيزة، وبنت كريمة، يحمل في قلبه لهن كل الحب، يجلّهن ويخاف عليهن من أدنى مستويات الأذى فضلاً عن أشدها وأقساها، ومن أي صورة من صور المضرة أياً كان ضررها، يتمنى لهن الخير والسعادة، ويسعى جاهداً في تحقيق كل ما من شأنه أن يجعلهن أكثر رضا واستمتاعاً، سعادة وبهجة، يتبدّى هذا بوضوح في القول والعمل، في السراء والضراء.

ومن المتعارف عليه في كل المجتمعات البشرية، البدائي منها والمتحضر، أن المرأة تحظى بمكانة خاصة، باعتبارها النصف الأهم في بنية المجتمع، فهي محضن التنشئة المجتمعية، وهي جوهر الحياة الأسرية وسر استقرارها، من هذا المنطلق يأتي تقدير المرأة وتثمين مكانتها، ووضعها في المكان اللائق بها، إكراماً وتقديراً، حباً واحتراماً، عرفاناً وإجلالاً، فإكرامها يتبدّى في المحافظة على كينونتها وكيانها، وفي تمكينها من نيْل حقوقها كافة، وسنّ النظم والقوانين التي تكفل لها حياة كريمة شريفة، وتشريع كل ما يسهل وييسر سبل ممارسة أدوارها المتوافقة مع فطرتها وطبيعتها، دون تهميش يحرمها من حقوقها وممارسة الأدوار التي تتوافق مع قدراتها، إن حرمانها من ممارسة أدوارها يجعلها عالة على غيرها تابعة مسلوبة الحرية والإرادة، كما أن الإثقال عليها وتحميلها أعباء فوق طاقتها، وإلزامها بمهمات ليست من مسؤولياتها وفوق طاقتها، يُعد بمثابة تعدٍ على كرامتها، والكرام في كل المجتمعات لا يقبلون بحال أن تُهان المرأة تحت أي مسوّغ أو عنوان.

من التحديات التي تُواجه التعامل مع المرأة وتنظيم شؤونها، تحقيق التوازن والتوافق بين مجالات تمكينها من ممارسة أدوارها وبين الموروث القيمي الجمعي. إن السعي لتحقيق هذا التوازن أفضى إلى اجتهادات عديدة، نتج عنها عنف لفظي وتشكيك بين أطراف تلك الاجتهادات، كل يرى نفسه مدافعاً بإخلاص عن المرأة وحقوقها، فإذا هي بحال صعب وسط تجاذبات قولية، وحماسات منفعلة اختلط فيها الحابل بالنابل، أحدهما يرى أن المرأة قادرة على العطاء وبمستوى عالٍ من الكفاءة والاقتدار، لكنها لاعتبارات ثقافية موروثة همّشت مواقفها، وعطّلت أدوارها تحت هواجس ونظرات يغلفها الشك والريبة، هذا الفريق لا يتوانى عن الدفاع عن إعطاء المرأة المزيد من فرص العمل والتفعيل، وجعلها تمارس كل الأدوار الممكنة في سلم المشاركة المجتمعية حتى وإن كانت هذه الأدوار في نظر البعض ثانوية ليست ذات قيمة في سلم أولويات أدوار المرأة التي لا تستقيم حياتها بدون ممارسة تلك الأدوار.

الفريق الآخر، لا يقل حماسة عن الفريق الأول في الإيمان بأهمية تفعيل دور المرأة وتمكينها من المشاركة المجتمعية، لكن وفق رؤية واضحة الملامح، وضوابط تضمن المشاركة بصورة فعّالة تحافظ على المرأة بناء على الثابت الشرعي والموروث القيمي الذي يسيّر الحياة المجتمعية بصفة عامة، فهذان المعياران يحافظان على المرأة ويحميانها من التعسف والظلم اللذين قد تتعرض لهما في بيئات العمل، لا سيما وأن هناك العديد من شواهد الظلم التي عاشتها المرأة في العديد من المجتمعات التي أهملت الأخذ في الحسبان حفظ حقوقها والمحافظة على كينونتها، هذه الشواهد تؤكد أن المرأة تتعرّض في بيئات عملها إلى صور بغيضة من التعدي النفسي والبدني.

إن تمكين المرأة من العمل، وإتاحة الفرصة لها في التنمية المجتمعية، يُعد من أبسط حقوقها المدنية، لا سيما وأنه لا فرق بين الرجل والمرأة في مهارات العمل وإنجازه بكفاءة وقدرة على المنافسة والنجاح متى ما توفرت البيئة المناسبة، وعطفاً على هذا هناك العديد من النساء اللاتي يحتجن إلى العمل من أجل توفير حياة كريمة لهن ولمن تحمَّلن إعالته بسبب وفاة المعيل الشرعي، أو بسبب التعسف في الضغط على المرأة كي تتخلى عن حقوقها المالية تحت وطأة رغبتها في الاحتفاظ بحضانة أولادها وتربيتهم.

 

أما بعد
أخشى عليها من المضرة
د. عبد الله المعيلي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة