العلاقات السعودية الأمريكية واحدة من العلاقات التي تعد نموذجية في العلاقات بين الدول، فالقراءة التحليلية المنصفة تخلص إلى أن البلدين وشعبيهما قد استفادا كثيراً من استمرار هذه العلاقات وتطورها منذ أيام المغفور له الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن والرئيس الأمريكي روزفلت.
الأمريكيون الذين استعان بهم الملك المؤسس للبحث عن المياه الجوفية، اكتشفوا النفط لتصبح للمملكة ثروة استثمرها قادتها خير استثمار للتطوير وتعليم الإنسان وتعمير الوطن، وقامت الشركات الأمريكية بدور رائد في هذا المجال، تستخرج النفط وتستثمر الدولة السعودية الإيرادات للتحديث والتعليم والتطوير وبناء البنية الأساسية لتصبح المملكة واحدة من أفضل الدول في المنطقة العربية في أقل من قرن من اكتشاف النفط.
طبعاً الأمريكيون لم يقدموا خدماتهم ويسهموا في عمليات التنمية والتحديث التي شهدتها المملكة من أجل عيون أبناء الصحراء السعوديين، فهم وجدوا ثروة تحتاج إلى استثمار، ورجال يحسنون التعامل ولا يبذرون الأموال في قضايا لا تخدم وطنهم وشعبهم.
هنا تأسست المصلحة المشتركة، أمة تريد النهوض واستثمار ثروتها لتنمية المواطن والوطن، ودولة تمتلك الإمكانيات والعلم فنشأت شراكة استمرت عقوداً طويلة مبنية على التفاهم والتفهم والمصلحة المشتركة.
علاقة استفاد منها الطرفان، المملكة بنت وطنها وطورت مواطنها وحسنت اقتصادها، وأجادت إدارة إيرادات الثروة، وسلكت نهجاً سياسياً مبنياً على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، ولا تسمح للآخرين بالتدخل في شؤونها الداخلية وهو ما اتسمت به العلاقات السعودية الأمريكية.
الآن العلاقات بين البلدين دخلت مستوى التنسيق الإستراتيجي، وهو مستوى أعلى درجات التصنيف في العلاقات بين الدول، وهو إن لم يرتق إلى مستوى التحالف، إلا أن البلدين يعملان بتنسيق ويجمعهما تفاهم إستراتيجي يعالج جميع القضايا والإشكالات التي تشهدها المنطقة.
صحيح أنه لا يوجد إطار لتحالف عسكري كالذي يجمع الولايات المتحدة الأمريكية بالحلف الأطلسي ودوله، إلا أن هناك تعاوناً عسكرياً وسياسياً متنوعاً ويشترك البلدان في أداء العديد من التمارين العسكرية وخاصة في تدريبات الطيران الحربي، وأخيراً شهدت منطقة الخليج العربي تدريبات بحرية.
الرياض وواشطن تعيان تماماً الأخطار التي تواجهها المنطقة العربية وبالذات منطقة الخليج العربي التي تواجه مشاكسات نظام منفلت وأطماعاً مؤكدة، وهذا ما يستوجب مزيداً من التنسيق والتفاهم بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية على كافة الأصعدة وبالذات الصعيدين الإستراتيجي والعسكري، وهو ما تناولته مباحثات سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع مع الرئيس باراك أوباما ووزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا.
jaser@al-jazirah.com.sa