تساؤلات في تساؤلات

هناك الكثير من الجدل والالتباس يحيط بغدة البروستاتا لدى الكثير من الناس، فما هي البروستاتا؟ وما وظيفتها؟ وأين توجد؟ ومم تتكون؟ والكثير من الأسئلة التي لا يعلم الكثيرون عنها إجابة.

ثم نأتي إلى المهم: ما هي الأمراض التي تصيب البروستاتا؟ وما هي علاقتها بالعمر؟ وهل هناك طرق للوقاية، وبخاصة لسرطان البروستاتا؟ وما هي طرق العلاج؟ الكثير والكثير من الأسئلة.

ثم نأتي إلى الأهم، وهو علاقة أمراض البروستاتا بأمراض الجنس والذكورة والضعف الجنسي وسرعة القذف.

حبة البندق الذكرية

هذه عينة من الأسئلة الكثيرة التي سنحاول الإجابة عنها في هذه المقالة مع بعض الإيجاز.

البروستاتا هي غدة صغيرة بحجم حبة البندق، تحيط بعنق المثانة وبداية مجرى البول، وتوجد في الرجال ولا توجد في النساء؛ وبالتالي فهي تعتمد في نموها على هرمون الذكورة الذي ينتج في الخصيتين، ويسير في الدم. وتزن نحو 20جم في الشخص البالغ، ويمر بها مجرى البول الخلفي الذي يبدأ من عنق المثانة. وتكمن وظيفة البروستاتا في إنتاج ربع إلى ثلث كمية السائل المنوي الذي يخرج مع القذف عند الرجال، وهذه الكمية هي مجرد سائل يسبح فيه الحيوان المنوي، وليس لها وظيفة أخرى معروفة إلى الآن، وتتكون من فصوص عدة لها أهمية إكلينيكية، فمثلاً تضخم البروستاتا الحميد ينشأ في المنطقة المحيطة بمجرى البول، أما سرطان البروستاتا فينشأ في المنطقة الخارجية.

أمراض لها علاقة بالعمر

نأتي الآن إلى السؤال الأهم وهو: ما نوع الأمراض التي تصيب البروستاتا، وهل لها علاقة بعمر المريض؟

هناك ثلاثة أمراض رئيسية تصيب البروستاتا، هي (التهاب البروستاتا الحاد والمزمن، وتضخم البروستاتا الحميد، وسرطان البروستاتا).

وهذه الأمراض الثلاثة لها علاقة قوية ومباشرة بعمر المريض؛ فالتهاب البروستاتا يظهر كثيراً في عمر ما بين العشرين والخمسين، وهو العمر النشط جنسياً كما هو معلوم، وتضخم البروستاتا الحميد يظهر في الفترة العمرية حول سن الخمسين، أما سرطان البروستاتا فيظهر بكثرة فوق سن الستين.

وهناك نقطة أخرى في غاية الأهمية: هل توجد علاقة بين هذه الأمراض الثلاثة؟ بمعنى هل يؤدي الإصابة بأي منها إلى الإصابة بالآخر؟ والإجابة هي أنه لا توجد علاقة أو رابط بين هذه الأمراض الثلاثة؛ فمثلاً تضخم البروستاتا الحميد لا يؤدي إلى سرطان البروستاتا، والعكس أيضاً صحيح.

الاتهابات تصيب 10 %

التهابات البروستاتا إما أن تكون حادة أو مزمنة، وتصيب 5-10 % من الرجال بين سن العشرين والخمسين، وهناك عوامل خطورة عدة تزيد نسبة الإصابة بالتهابات البروستاتا، وهي التهابات البول والمثانة والمناظير، وذلك في حال عدم التعقيم الجيد وأخذ الاحتياطات اللازمة، أو بزيادة الإثارة الجنسية وعدم تنظيم العلاقة الجنسية، أو الإفراط في المأكولات الحارة، أو التعرض للبرد.

التضخم الحميدي الحتمي!

تضخم البروستاتا الحميد من أكثر الأورام الحميدة انتشاراً بين الرجال فوق سن الخمسين، وهو محتم حدوثه في جميع الرجال، لكن ليس كل رجل لديه تضخم حميد يعاني الأعراض البولية أو يحتاج إلى علاج، وتكون الأعراض إما احتباسية كضعف تدفق البول أو التنقيط في نهاية البول أو أعراض تهيجية كتكرار التبول والعجلة والقيام ليلاً بكثرة.

الفحص الشرجي الأهم

ونلجأ للتقييم المبدئي لمريض تضخم البروستاتا الحميد، الذي يشمل التاريخ المرضي، وتقييم وتصنيف أعراض المريض، ثم الفحص السريري، وهو مهم جداً، ونعني به فحص البروستاتا عن طريق الدبر بواسطة الطبيب، وهو يساعدنا في استبعاد وجود السرطان وتقييم الحالة العصبية للحوض وعضلاته وتحديد حجم البروستاتا. ثم يأتي بعد ذلك دور الفحوصات المخبرية، وتشمل تحليل البول ووظيفة الكلى وتحليل PSA، وهو دلالة ورم خاص بالبروستاتا.

قياس تدفُّق البول

ثم نأتي بعد ذلك لتحديد مدى احتياج المريض للفحوصات المتقدمة الأخرى كالأشعة، وقياس تدفق البول، وهي تعتمد على مدى شدة الأعراض واحتياج المريض. بعدها نفكِّر في وسائل العلاج المتاحة لمرض تضخم البروستاتا الحميد.

علاج تضخم بالأدوية

بداية، يجب إخبار المريض بكل وسائل العلاج المتاحة ومدى الفائدة والضرر من كل وسيلة، بما فيها الملاحظة والمتابعة؛ فمنذ 15 عاماً لم يكن هناك من علاج لتضخم البروستاتا الحميد سوى التدخل الجراحي، لكن خلال هذه الفترة ظهرت العديد من الأدوية التي تعالج هذا المرض المنتشر، التي تنقسم إلى مجموعتين رئيسيتين، هما: مضادات الألفا، وهي تساعد على تحسين أعراض المريض، ومضادات هرمون الذكورة وهي تساعد على تصغير حجم البروستاتا، وذلك على مدار 2-3 سنوات.

الشرح للمريض واجب

وعلى الطبيب تحديد ما يريده المريض بكل دقة وعناية ومدى تضرره من أعراض المرض، ومدى رغبته في العلاج، وكذلك مقدار الخوف من إصابته بسرطان البروستاتا؛ لأنه في كثير من الأحيان بعد عمل الفحوصات اللازمة نعرِّف المريض بأن احتمالية تعرضه للإصابة بسرطان البروستاتا ضئيلة، واحتمالية تعرضه للاحتباس البولي قليلة، عندها يصبح المريض سعيداً، وربما يختار فقط الملاحظة والمتابعة.

الاستئصال عند الاحتباس!

نأتي الآن إلى سؤال مهم آخر وهو: ما الظروف التي يحتاج المريض فيها إلى التدخل الجراحي لاستئصال البروستاتا؟.. نجملها في الآتي: أولاً تعرض المريض لاحتباس البول أكثر من مرة. ثانياً المريض الذي يعاني الالتهابات المتكررة، أو نزيفاً بولياً أو قصوراً في وظيفة الكلى بسبب تضخم البروستاتا الحميد. وثالثاً المرضى الذين يعانون حصوة بالمثانة.

دلالة الأورام هي الفيصل

ثم نأتي لسؤال مهم آخر، هو: هل أعراضي البولية بسبب سرطان في البروستاتا؟ وهو سؤال يسأله نسبة كبيرة من المرضى، والإجابة عنه تعتمد على أشياء عدة مهمة، هي: الفحص السريري، والتاريخ العائلي لوجود سرطان البروستاتا، وإجراء دلالة الورم الخاصة بالبروستاتا PSA. أما في حالة الشك فيتم عمل أشعة صوتية على البروستاتا عن طريق الدبر مع أخذ عينات، وهي متاحة في مركز النخبة الطبي.

الاستئصال بالمنظار

الاستئصال عن طريق المنظار الضوئي عن طريق مجرى البول، وهو متاح في مركز النخبة الطبي، وهو الأكثر أماناً وانتشاراً عالمياً. والاستئصال عن طريق الشق الجراحي، وهو يُستخدم في حالات قليلة الآن حسب حجم البروستاتا، واستخدام الليزر، لكن بشروط معينة.

الفحص المبكر.. الفحص المبكر!!

ونأتي الآن للقضية الأهم، وهي الفحص المبكر للكشف عن سرطان البروستاتا، وهو بحمد الله متاح بالمركز؛ وذلك لاكتشاف المرض مبكراً، والعمل على علاجه بأسرع وقت؛ لأن سرطان البروستاتا من أكثر الأمراض السرطانية انتشاراً لدى الرجال، وبالأخص في المدن الصناعية، وتتشابه أعراضه مع أعراض التهاب البروستاتا ومع التضخم الشيخوخي لغدة البروستاتا.

الاستشارة عند الشكوى

وننصحك عزيزي القارئ إذا كان لديك أي شكوى بالبول التوجه إلى أقرب طبيب مسالك بولية لتشخيص الحالة مبكراً وإعطاء العلاج اللازم، مع تمنياتنا بالشفاء لجميع المرضى.

د. أيمن البحطيطي - استشاري جراحة المسالك البولية وأمراض الذكورة - تساؤلات في تساؤلات