الحقيقة أن هذا السؤال يُطرح دائمًا في أروقة صناعة النفط العالمية كل أربع سنوات، التي تمثل فترة الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية وبالأخص في هذه الفترة الزمنية من السنة التي عادةً تكون مملوءة بالأحداث والتصريحات والوعود والمناقشات من قبل المُرشحين للحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي على حد سواء.
نجد هناك من المرشحين لكرسي الرئاسة مَن يعد بالعمل الجاد على تقليل اعتماد الولايات المتحدة الأمريكية على البترول المستورد من الخارج، ونجد مرشحًا آخر يقدم الوعود على خفض الاستهلاك المحلي في الولايات المتحدة الأمريكية من البترول وما سوف ينتج عنه من خفض انبعاثات الغازات الملوثة وتأثير ذلك على البيئة، ونجد أيضًا من يعد بخفض عمليات التنقيب والاستكشاف عن النفط والغاز وعمليات الحفر المتعلقة بها مما فيها من خطورة على البيئة البرية والبحرية.
ونجد أيضًا من يقدم الوعود لتوفير بلايين الدولارات لدعم عمليات البحث والتطوير لهدف اكتشاف وتطوير تقنيات جديدة توفر مصادر نظيفة للطاقة للخفض من استهلاك الطاقة الأحفورية.
فمن يستمع لهذه الوعود يعتقد أن أمريكا سوف تتخلى قريبًا عن البترول المستورد وسوف تقلل من إنتاجها من البترول المحلي مما قد يأثر سلبًا على أسعار البترول في الأسواق العالمية بحكم أن أمريكا تعد أكبر مستهلك للبترول في العالم، حيث يقدر استهلاكها اليومي للبترول بأكثر من 20 مليون برميل.
والحقيقة أن هذه مجرد وعود انتخابية لهدف جمع أصوات الطبقة المثقفة في المجتمع الأمريكي ممن يطالبون بالحد من التلوث البيئي الذي تسببه عملية احتراق المواد الهيدروكربونية المستخدمة لتوليد الطاقة.
لقد قامت أحد مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة الأمريكية بدراسة تأثير أسعار البترول على سلوك الناخبين خلال الفترة بين 1999-2010م من خلال دراسة ثلاثة استطلاعات لرأي الناخبين الأمريكيين وأسعار البترول في نفس فترة الاستطلاعات، الأول تقييم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية والثاني تقييم الكنغرس الأمريكي والثالث أسئلة مباشرة إن كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتحرك في الاتجاه الصحيح أم لا؟
نتيجة الدراسة للاستطلاع الأول والثاني أوضحت أن تقييم الرئيس والكنغرس يتبع علاقة عكسية مع أسعار البترول، بمعنى أن تقييم الناخبين للرئيس والكنغرس ينخفض كلما أصبحت أسعار البترول عالية والعكس صحيح.
نتيجة الاستطلاع الثالث لم تكن ببعيدة عن الأول والثاني.
الحقيقة أنه وبالرغم من هذه الدراسة، إلا أنه من الملاحظ اختفاء هذه الوعود والنقاشات الحادة بعد انتهاء الانتخابات، فلا نجد خفض استهلاك ولا خفض في عملية التنقيب ولا يوجد تأثير كبير لاستخدامات مصادر الطاقة البديلة، بل العكس صحيح.
اختصارًا لما سبق وكما تذكر هذه الدراسة بأن أسعار البترول سوف يكون لها تأثير مباشر على اختيار الرئيس الأمريكي القادم، وأنه خلال الأربع سنوات القادمة سوف يحتج هذا الرئيس (كما احتج سابقه) على ارتفاعات أسعار البترول والتقلبات الجيوسياسية المؤثرة عليها، ولكن فترة بقائه في البيت الأبيض (4 سنوات) غير كافية لكي تؤثر إستراتيجياته الجديدة المتعلقة بهذا الأمر على هذه العوامل على المدى البعيد، مما سوف يجعله ملائمًا من قبل المعارضة على أسعار البترول المرتفعة، كما عُمِلَ بسابقه.
وأزيد أنا على هذه الدراسة عاملاً آخر يتمثل في مدى تأثير الحروب التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية في العقود الماضيه على أسعار البترول؟
www.saudienergy.net