بُعيد زيارة نتنياهو الأخيرة لواشنطن، توقفت إسرائيل كليا عن تهديد إيران، وعاد الرهان على المفاوضات السياسية، وانتظار آثار العقوبات الاقتصادية، لا سيما وأن الحظر الدولي على شراء النفط الإيراني يدخل حيّز التنفيذ في يوليو القادم.
هل تخلّت إسرائيل عن الخيار العسكري لاقتناعها، أو إقناعها، بأنه مُجازفة في غاية الخطورة، لا يحظى بتأييد دولي؟.
«الحرب على إيران» لم تتعدّ، ولن تتعدّى، التصريحات الكلامية. هيلاري كلينتون تقول «إن إيران تقترب من إقامة ديكتاتورية عسكرية دينية في المنطقة». يردّ محمود أحمدي نجاد مخاطبا الرئيس الأمريكي «انتبه من السير على خطى جورج بوش، فردّنا سيكون عنيفا». نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن يعلن «لا أساس للثقة بإيران، وماضون في مسار العقوبات». يشارك الرئيس ساركوزي في هذه الحفلة الكلامية، بالقول «إن إيران تغذي العنف والتطرف في المنطقة، وهي القلب في قوس الأزمات».
مراجع يهودية في الولايات المتحدة تؤكد أن لا إسرائيل ولا الولايات المتحدة ستهاجم إيران.
تتخوّف إسرائيل في حال إقدامها على ضربة عسكرية منفردة، من العزلة الدولية، ومن تحوّلها مركزا للكراهية، بسبب التأثيرات السلبية للحرب على الاقتصاد العالمي، ستدفع ثمنها شعوب العالم بأسره.
وقد برز -في استفتاء حديث- عدم رغبة الأمريكيين، في الوقت الحاضر، على الأقل، بتورّط بلادهم في حرب جديدة في المنطقة، وانطباعهم بأن إسرائيل تسعى لتوريط بلادهم في مواجهة عسكرية مع إيران، غير مضمونة العواقب.
يقول نابليون بونابرت: «إذا أردتَ أن تفهم سياسة دولة ما، انظر مليّا في جغرافية هذا البلد».
إغلاق إيران، في حال مهاجمتها، لمضيق هرمز (الذي سيؤدي إلى انهيار الاقتصاد الأمريكي وبالتالي انهيار الاقتصاد العالمي)، هو من أسهل العمليات العسكرية.
أما إعادة فتح المضيق، فلا يكفي إرسال حاملات الطائرات الضخمة للبحرية الأمريكية، في جولات استعراضية. على الولايات المتحدة اجتياح (بلى: اجتياح) أجزاء واسعة من الأراضي الإيرانية، ليُصبح مضيق هرمز خارج النطاق الذي تصله الصواريخ الإيرانية.
إيران أكبر مساحة من ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا مجتمعة.
سوف تكون حربا شرسة طويلة، أشد قساوة من حرب فيتنام.
بالتأكيد، نجح نتنياهو، نجاحا باهرا، في صرف أنظار العالم قاطبة عن القضية الفلسطينية، ومعاناة الفلسطينيين، وتحويلها إلى المشكلة الإيرانية.
ما قاله أوباما لنتنياهو في واشنطن أخيراً: لا بأس اذهب والعب، كما تشاء، بالمستوطنات، لكن دع القضية الإيرانية للكبار.
طبعا، دولة الولي الفقيه سعيدة بذلك.
Zuhdi.alfateh@gmail.com