أيمريك جانيه *:
قد يبدو من الصعب والمربك للوهلة الأولى تصديق وجود أي تحالف بين إسرائيل وأذربيجان نظراً للاختلاف الجذري بين الدولتين، ناهيك عن صعوبة وجود مصالح مشتركة تجمع الاثنين معاً.
فخلافاً لكل المتوقع، هناك علاقات وطيدة تجمع تل أبيب بأذربيجان، وهي علاقة شبهها الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف في عام 2009 بجبل الثلج الذي يكاد يختفي بالكامل تحت الماء، بينما لا يظهر منه على السطح إلا جزء صغير جداً.
وعلى الرغم من اختلاف السياق الإقليمي خلال الأشهر القليلة الماضية لاسيما مع الضغوط الغربية على إيران بسبب برنامجها النووي، وصعود الثورات العربية بشكل يمهد لاحتشاد أذربيجان خلف طهران، لاسيما مع وجود علاقات ثقافية وثيقة تجمع البلدين، ظلت باكو عصية على الخضوع للمد الإيراني، بل إن الجمهورية الصغيرة لم تتردد في التوقيع على صفقة سلاح مع تل أبيب بقيمة 1.6 مليار دولار في فبراير الماضي، وهو ما اعتبرته إيران شكلاً من أشكال التصعيد الدولي ضدها.
ومن جهتها، ردت طهران باتهام باكو بالتورط مع تل أبيب في تصفية بعض علماء برنامجها النووي، وهو ما دفع أذربيجان في مارس الماضي لإلقاء القبض على 22 ضابطاً من الحرس الثوري الإيراني بتهم ارتكاب أعمال إرهابية ضد سفارات أمريكا وإسرائيل وعدد من الدول الغربية، الأمر الذي آخر من إمكانية نزع فتيل التوتر بين البلدين.
وبالنسبة لإسرائيل تشكل باكو ورقة ضغط مهمة لتل أبيب، ثاني أكبر مستهلك للنفط الأذربيجاني، نظراً لوجود جالية يهودية كبيرة بها تقدر بنحو 25 ألف شخص، بالإضافة إلى موقعها الإستراتيجي من إيران، ورغبة تل أبيب في استبدالها بتركيا كحليف مهم لها في المنطقة، بعد تدهور علاقتها بأنقرة في يونيو 2010؛ بسبب أزمة أسطول الحرية ومقتل تسعة أتراك على يد القوات الإسرائيلية.
وفي حال الهجوم الإسرائيلي المحتمل على المنشآت النووية الإيرانية، تراهن تل أبيب على أذربيجان من أجل لعب دور مهم يتمثل في إتاحة مطاراتها وقواعدها الجوية للطيران الإسرائيلي لإنجاز مهمته، الأمر الذي يستبعده بعض المراقبين، معللين ذلك بعدم استعداد النظام الأذربيجاني إلى الدخول في مواجهة حقيقية مع دولة إسلامية، وبخاصة إيران.
* «لوموند» الفرنسية