مؤلم جداً أن ترسم (صورة رائعة) لأحد المشاهير في فن من الفنون، أو علم من العلوم النفسية أو الاجتماعية أو أي تخصص آخر لتكتشف لاحقاً أن تلك (الصورة الجميلة) التي رسمتها في مخيلتك عن هذه الشخصية والتي لا تعرفها إلا عبر (إنتاجها الإعلامي) لم تكن إلا وهماً وزيفاً، وأن (الحقيقة مرة) وغير ذلك تماماً ولا يمكن تصديقها..!
هناك (ألسن تنعقد)، وهناك أسئلة تطير في الهواء بعد كل لقاء في عيادة أو مكتب يخص أحد هؤلاء المشاهير: معقوله هذا فلان المتخصص..؟! اللي أشغلنا في الليل والنهار وعبر كل القنوات والإذاعات..؟! صاحب (الكلام المعسول)..؟! أين نظرياته التي يتشدق بها؟! أين مطالباته ومناشداته؟! ما بالها تسقط عند مصالحه ورغباته..؟!
ليس بالضرورة أن كل أولئك الساحرين من خلف (الشاشة الفضية) صادقون فيما يقولونه لنا وملتزمون به (أمام الله) أولاً، ثم (أمام ضمائرهم)، بل هناك للأسف من (يمسح الجوخ) من المتخصصين (النفسيين والاجتماعيين) ممن يعتبر أن المسألة (بزنس) لجمع أكبر قدر من المال والشهرة، واللعب على تلك الأوتار الحساسة والمرهفة للمشاهد والمجتمع..!
لم نعد اليوم بحاجه لمزيد من الوجوه النفسية والاجتماعية والإعلامية الجديدة بقدر ما نحن بحاجة (لأناس فاعلين) صادقين فيما يقولون مع أنفسهم أولاً ثم مع مجتمعهم..!
شبعنا (مشاهير)، وللأسف (مشاهيرنا) ما شبعوا من الشهرة..! لا نريد مزيداً من الوجوه المدندنة والمطنطنة (بقضايانا ومشاكلنا الاجتماعية) لتوظّفها وكأنها (متاجرة إعلامية) بحثاً عن الإعلانات، ولتلميع صورهم و(رزرزة خششهم) في القنوات الفضائية، وكأنهم يملكون عصا موسى، وهم جزء من كل مشكلة اجتماعية أو شبابية أو نفسية يطرحونها في برامجهم وحواراتهم، بتعقيدهم للأمور والبحث عن الإثارة وعدم طرح أي حلول مفيدة..!
فيما مضى كنا نعاني من وجود برامج يديرها إعلاميون أشقاء من (الإخوة العرب) عبر قنوات فضائية (غير سعودية) تناقش الشأن المحلي السعودي.. وكنا نتمنى حينها أن تكون المناقشة (سعودية 100%)..!
اليوم تحققت (نصف المعادلة) وأصبحت العديد من (القنوات الفضائية) العامة والرياضية والدينية تستقطب (مشاهير سعوديين) لتقديم برامج (تناقش الشأن السعودي) ولكن للأسف تظل الأمنية ناقصة فكل يوم نشهد (ولادة برنامج جديد) يناقش قضايانا ومشاكلنا (كسعوديين) وتلفزيوننا العزيز (يسجّل غيابه) واختفاءه بامتياز عن المشهد؟!
برأيكم لو قدّم تلفزيوننا المحلي (برنامجاً واحداً) عبر شاشته ومُنح (الإمكانات والجرأة اللازمة) في طرح القضايا ومناقشتها هل سيكتسح كل تلك (البرامج) ويلغيها من خارطة الفضائيات..؟!
أكاد أجزم أننا نملك كفاءات سعودية شابة هي (الأجدر والأحق) بقضايانا من تلك الشاشات ومشاهيرها، فقط (جربوا يا جماعه..؟!) وابحثوا عن الإجابة أين (القناة الأولى) وأخواتها؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.net