لم يكن في ظني عندما تلقيت الدعوة الكريمة من أخي (المواطن الوطني) الدكتور يوسف السعدون للمشاركة في حفل استقبال سفينة السلام الذي أُقيم في جدة أمس الأول ، لم يكن في ظني أن يتعدى اللقاء الترتيبات البرتوكولية والكلمات التقليدية والهدايا التذكارية. كان حفل السفينة أشبه ما يكون بحلم التلاقي لتاريخ من السلام الياباني وطموح مبادرة السلام السعودية.
أن ترسو سفينة بحجم سفينة السلام وشكلها المهيب وأداورها المتعددة وأبراجها التي تُعانق عنان السماء، وعلى متنها أكثر من 1000 شخص من اليابانيين والجنسيات الأخرى في إطار جولتها البحرية على عدد من دول العالم بهدف تعميق ثقافة السلام ونشرها بين شعوب العالم ، فهذا بلا شك شعور بحجم المهمه الإنسانية التي تقوم بها السفينة في نشر السلام ، ولا شك أن الجانب الإنساني في سكانها أكبر حجماً وأكثر هيبة من بناء السفينة، 1000 شخص يحملون رسالة المحبة والسلام للعالم.
ورغم الأحداث والقصص الكثيرة التي حملها برنامج اليوم الواحد في سفينة السلام ، إلا أن ما استوقفني كثيراً واعتبرته «درس اليوم» ، هو ما رواه لنا عدد من الناجين من الهجوم النووي على هيروشيما وناجازاكي الذي راح ضحيته مئات الألوف من الضحايا ، وتأثرت أجيال متعاقبة من اليابانيين بأمراض مختلفة ومستعصية.
عندما تحدث لنا عدد من أولئك الناجين عن تفاصيل الكارثة ، كان هناك الكثير من التعاطف والتركيز ، فالقصص تحمل الكثير من الألم.
ولكن الدرس المستفاد من أولئك الناجين كان عندما تم سؤالهم عن استطاعتهم التغلب على ألم الكارثة
والرغبة في الانتقام؟.. كانت جميع إجاباتهم تدور حول السلام والتفاؤل وأن طرق الانتقام ليس في ردة الفعل المماثلة ، ولكنها في التغلّب على الخصوم والألم من خلال تطوير النفس والوطن والتفوق في مجالات أخرى غير القتل و الدمار.
يقول أحدهم إن التوافق الوطني الياباني في أعقاب الكارثة كان في تطوير اليابان من خلال العلم والمعرفة والتقنية ، وهو ما أوصل اليابان اقتصادياً إلى ما هي عليه الآن ، وهذا بالتحديد ما يشهده الواقع المعاصر الذي جعل اليابان من الدول الصناعية الاقتصادية الأقوى عالمياً.
تحوّلت اليابان من دولة مُدمَّرة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً ونفسياً، إلى دولة من الصف الأول في العالم خلال 30 عاماً فقط.
albadr@albadr.ws