دخلت إلـــينا التكنولوجيا بكل ثِقَلها.. ما زلت أتذكّر تلك المقولة (من لا يعرف التعامل مع الكمبيوتر فهو أمّي) إلا أنه وبمرور الوقت لم يعد الموضوع مجرد كمبيوتر، بل لا بد لنا من تطوير أنفسنا بما يتناسب مع التكنولوجيا التي امتدت إلى كافة أمور حياتنا، الكمبيوتر أصبح جزءاً مكوناً للكثير من الوسائل والأجهزة التي نتعامل معها يومياً.
قلت يوماً، أصبح كمبيوتري الشخصي أثيراً جداً لدي، أجده تماماً مثل عصا موسى، أناجيه ويناجيني، ولي فيه مآرب أخرى (كتبت ذلك عبر صفحتي على الفيس بوك).. هذا إذا تمت الأمور كما يجب وكنت دائماً في حالة أمان وتصالحٍ معَه.
اختلف الأمر معي مؤخراً، ربما بسبب كثرة الطباعة على الكمبيوتر ما بين البحوث الدراسية إلى الكتابة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. ولأجل كتابة مقال ما لم أعد أكتب سوى جملاً قصيرة وبضع ملاحظات صغيرة على الورق ثم أبدأ فوراً الكتابة على الكمبيوتر اختصاراً للوقت والمجهود.. النتيجة أن كمبيوتري الشخصي أصبح ينوء كثيراً بالكثير من الملفات المحفوظه حتى تخيلته يتململ وبصوت متحشرج يهمس لي (سيّدتي، خفّفي عني!)، يقول ذلك وهو يَسْعُل (يَكُح)، ظننته طيباً مسكيناً فأثار تعاطفي لكنه لم ولن يكون يوماً كذلك فقد عاقبني أشد عقاب، حيث التهم مقالَين بعد طباعتهما ومراجعتهما.. هكذا ببساطة!
وقفت أمامه حائرة أقلّبه يمنة ويسرة.. تذكّرت رفيقة الدراسة صديقتي المختصة، المحترفة والعارفة بجنون الكمبيوتر، أرسلت لها إيميلاً انتظرتها.. ثم عدْت إلى نفسي..
أرسلت لـ (قوقل) لمساعدتي، وهو ذو المروءة والنبل، قاضي الحاجات، كان كريماً جداً في تزويدي ببعض المعلومات، لكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح..
تلفّت، نظرت إلى ساعة الحائط، وجدتني قد أضعت أربع ساعات كاملة في البحث ولو حاولت تذكّر المقالين مرة أخرى اعتماداً على مسوّدتي التي حوت بضع كلمات لربما لم أستغرق سوى أقل من نصف هذا الوقت..
يا للهول.. ! إذاً لم يكن جهاز الكمبيوتر الخاص بي مظلوماً ولا ضعيفاً، وكذلك أجهزتنا جميعاً، لا بد أن تختار الأجود والأحدث منها وإلا ستقف دائماً في الخلف، ثم عليك بعد ذلك أن تكون يقظاً جداً في تعاملك معها، وإلا ستكون حجر عثرة في طريقك.. لو نسيت مثلاً وتخيلت في لحظة بأن الآلة ربما تحمل مشاعر تجاهك، ربما تعمل هي على تسهيل الإنجاز واختصار الوقت لكن الجهد الأكبر عليك أنت.. ولعل حادثتي مع المقال أهون بكثير من حادثة أخرى سابقة، حيث اختفت كتابتي لنص كبير الحجم باللغة الإنجليزية هو عبارة عن بحث لا بد من تسليمه في وقت محدد، بحثت فلم أجده، والوقت قد أزف وانتهى، كانت كارثة وانتهت ولله الحمد، لكنها لم تغادر ذاكرتي صوتاً وصورة، يصعب عليّ نسيانها، هذا ما حدث لي فهل مررت عزيزي القارئ بما يشبه ذلك؟ هل غدرتْ بك الآلة يوماً؟!