الهدف الأكثر إلحاحا وأهمية الآن هو حماية أرواح السوريين ووقف آلة القتل التي يديرها بشار الأسد. بعد يوم واحد من تعهد ممثلي 83 «باتخاذ إجراءات مناسبة إضافية» لدعم المعارضة السورية، قال مبعوث الأمم المتحدة لسوريا كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة إن نظام حكم بشار الأسد سوف يسحب قواته من المناطق السكنية بحلول يوم 10 أبريل الحالي. ولكن بشار الأسد لم يلتزم بتعهدات مماثلة في الماضي في الوقت الذي لا تبدي فيه روسيا التي تمتلك مقعدا دائما في مجلس الأمن الدولي أي إشارة على استعدادها للتخلي عن حليفها الأسد. قبل أيام انتقد وزير خارجية روسيا «المواعيد والمهل المصطنعة» المحددة لإنهاء العنف الذي حصد حتى الآن أرواح أكثر من 10000 سوري.
ولكن هناك سبب يمكن أن يدعو بشار الأسد إلى الاستجابة لخطة السلام ذات النقاط الستة التي اقترحها عنان. على عكس الاقتراح السابق لجامعة الدول العربية الذي لم يتم تمريره من مجلس الأمن الدولي فإن خطة عنان لا تتضمن تنحي الأسد، رغم أنها تلزمه بعملية سياسية سورية تقود إلى إنهاء المواجهة بينه وبين المعارضة. كما تتضمن إطلاق سراح المعتقلين وحرية الصحافة والإعلام في الدخول إلى مناطق المواجهات في البلاد واحترام حرية التجمع والتظاهر السلمي.
إذا وافق نظام الحكم والمعارضة على وقف إطلاق النار، فلا توجد أي ضمانات بأن الأسد سوف يلتزم بتنفيذ البنود السياسية في الخطة. ومع ذلك من المؤكد ان وقف إطلاق النار يعني إنقاذ أرواح آلاف السوريين. وقد أحسن مؤتمر «اصدقاء سوريا» الذي استضافته مدينة اسطنبول التركية بمشاركة ممثلين لحوالي 83 دولة صنعا عندما جعل الأولوية لإنهاء «القمع الدموي الذي يمارسه النظام» حتى إذا كان المؤتمر اكتفى بالدعوى إلى «عملية انتقالية بقيادة سورية تؤدي إلى قيام نظام سياسي ديمقراطي مدني تعددي ومستقل في سوريا».
إذا لم يلتزم الأسد بتعهداته فإن «أصدقاء سوريا» سوف يواصلون العمل «بإجراءات إضافية مناسبة تهدف إلى حماية الشعب السوري» . قالت الولايات المتحدة إنها ستزود المعارضة بأجهزة اتصالات تعمل بالأقمار الصناعية حتى «يمكن مساعدة النشطاء في تنظيم انفسهم وتفادي هجمات النظام الحاكم والاتصال بالعالم الخارجي» على حد قول وزيرة الخارجية الأمريكي هيلاري كلينتون. وأضافت كلينتون إن استمرار عنف النظام الحاكم سيكون له «عواقب وخيمة».
إذا كانت كلينتون تقصد بالعواقب الوخيمة عقوبات اقتصادية وسياسية مؤلمة واستمرار العزلة الدبلوماسية للنظام السوري فإن تهديدها يعد مناسبا تماما. ولكن لا يجب أن تلوح الولايات المتحدة بتحرك عسكري ضد سوريا ولا أن تقدم على مثل هذه الخطوة بمفردها كما لا يجب أن تساعد المتمردين السوريين. ومع ذلك فإننا نخشى من أن تكون أجهزة الاتصال عبر الأقمار الصناعية مجرد خطوة أولى في طريق أمريكا لتسليح المتمردين السوريين ثم التدخل العسكري المباشر في وقت لاحق. فالولايات المتحدة يمكن أن تكون صديق لسوريا دون أن تقدم أسلحة للمعارضة. الولايات المتحدة تعلمت في السنوات الأخيرة أن التدخل العسكري يمكن أن تكون له تداعيات غير متوقعة وغير مرغوبة على الإطلاق.
افتتاحية (لوس أنجلوس تايمز) الأمريكية